جهتهم فنظروا إليهم، وإنما قال كذلك لان نظرهم نظر عداوة فلا ينظرون إليهم إلا إذا صرفت وجوههم إليهم " قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين " أي لا تجمعنا وإياهم في النار. وروي أن في قراءة ابن مسعود وسالم: " وإذا قلبت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا عائذا بك أن تجعلنا مع القوم الظالمين " وري ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام.
" ونادى أصحاب الأعراف رجالا من أصحاب النار يعرفونهم بسيماهم " أي بصفاتهم يدعونهم بأساميهم وكناهم، ويسمون رؤساء المشركين، عن ابن عباس، وقيل: بعلاماتهم التي جعلها الله تعالى لهم من سواد الوجوه وتشويه الخلق وزرقة العين، وقيل:
بصورهم التي كانوا يعرفونهم بها في الدنيا " قالوا ما أغنى عنكم جمعكم " الأموال و العدد في الدنيا " وما كنتم تستكبرون " أي واستكباركم من عبادة الله تعالى وعن قبول الحق وقد كنا نصحناكم فاشتغلتم بجمع الأموال وتكبرتم فلم تقبلوا منا، فأين ذلك المال؟ وأين ذلك التكبر؟ وقيل: معناه: ما نفعكم جماعتكم التي استندتم إليها وتجبر كم عن الانقياد لأنبياء الله في الدنيا " أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة " أي حلفتم أنهم لا يصيبهم الله برحمة وخير ولا يدخلون الجنة كذبتم، ثم يقولون لهؤلاء " ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون " أي لا خائفين ولا محزونين، على أكمل سرور وأتم كرامة، والمراد بهذا تقريع الذين أزروا على ضعفاء المؤمنين (1) حتى حلفوا أنهم لا خير لهم عند الله.
وقد اضطربت أقوال المفسرين في القائل لهذا القول، فقال الأكثرون: إنه كلام أصحاب الأعراف، وقيل: هو كلام الله تعالى، وقيل: كلام الملائكة، والصحيح ما ذكرناه لأنه المروي عن الصادق عليه السلام.
" ونادى أصحاب النار " وهم المخلدون فيها " أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء " أي صبوا علينا من الماء نسكن به العطش، أو ندفع به حر النار " أو مما رزقكم الله " أي أعطاكم الله من الطعام " قالوا " يعني أهل الجنة جوابا لهم: " إن الله حرمهما على الكافرين ".