لان الله تعالى لا يشاء إلا تخليدهم على ما حكم به فكأنه تعليق لما لا يكون بما لا يكون، لأنه لا يشاء أن يخرجهم منها.
وسابعها ما قاله الحسن: إن الله تعالى استثنى ثم عزم بقوله: " إن ربك فعال لما يريد " أنه أراد أن يخلدهم، وقريب منه ما قاله الزجاج وغيره: إنه استثناء تستثنيه العرب وتفعله كما تقول: والله لأضربن زيدا إلا أن أرى غير ذلك وأنت عازم على ضربه، والمعنى في الاستثناء على هذا: إني لو شئت أن لا أضربه لفعلت.
وثامنها ما قاله يحيى بن سلام البصري: إنه يعني بقوله: " إلا ما شاء ربك " ما سبقهم به الذين دخلوا قبلهم من الفريقين، واحتج بقوله تعالى: " وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا " وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا (1) " قال: إن الزمرة تدخل بعد الزمرة، فلا بد أن يقع بينهما تفاوت في الدخول، والاستثناءان على هذا من الزمان.
وتاسعها: أن المعنى أنهم خالدون في النار، دائمون فيها مدة كونهم في القبور ما دامت السماوات في الأرض والدنيا، وإذا فنيتا وعدمتا انقطع عقابهم إلى أن يبعثهم الله للحساب، وقوله: " إلا ما شاء ربك " استثناء وقع على ما يكون في الآخرة. أو رده الشيخ أبو جعفر قدس الله روحه وقال: ذكره قوم من أصحابنا في التفسير.
وعاشرها: أن المراد: إلا ما شاء ربك أن يتجاوز عنهم فلا يدخلهم النار، فالاستثناء لأهل التوحيد عن أبي محلز (2) قال: هي جزاؤهم، وإن شاء سبحانه تجاوز عنهم، والاستثناء على هذا يكون من الأعيان " عطاء غير مجذوذ " أي غير مقطوع.
وفي قوله: " وأنذرهم يوم الحسرة " الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله، أي خوف كفار قريش يوم يتحسر المسئ هلا أحسن العمل؟ والمحسن هلا ازداد من العمل؟ وهو يوم القيامة، وقيل: إنما يتحسر من يستحق العقاب فأما المؤمن فلا يتحسر.
وروى مسلم في الصحيح بالاسناد عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار قيل: يا أهل الجنة