يضيق الرمح في الزج، فمن ضيق منازلهم عليهم ومن ريحها ومن شدة سوادها و، زفيرها وشهيقها وتغيظها ونتنها اسودت وجوههم وعظمت ديدانهم، فينبت لها أظفار السنور والعقبان تأكل لحمه وتقرض عظامه وتشرب دمه، ليس لهن مأكل ولا مشرب غيره، ثم يدفع في صدره دفعة فيهوي على رأسه سبعين ألف عام حتى يواقع الحطمة، فإذا واقعها دقت عليه وعلى شيطانه وجاذبه الشيطان بالسلسلة (1) فكلما رفع رأسه ونظر إلى قبح وجهه كلح في وجهه، قال: فيقول: يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين، ويحك بما أغويتني، احمل عني من عذاب الله من شئ، فيقول: يا شقي كيف أحمل عنك من عذاب الله من شئ وأنا وأنت اليوم في العذاب مشتركون؟ ثم يضرب على رأسه ضربة فيهوي سبعين ألف عام حتى ينتهي إلى عين يقال لها آنية، يقول الله تعالى:
" تسقى من عين آنية " وهو عين ينتهي حرها وطبخها، وأوقد عليها مذ خلق الله جهنم كل أودية النار تنام وتلك العين لا تنام من حرها، ويقول الملائكة: يا معشر الأشقياء ادنوا فاشربوا منها، فإذا أعرضوا عنها ضربتهم الملائكة بالمقامع، وقيل لهم:
" ذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد ". قال: ثم يؤتون بكأس من حديد فيه شربة من عين آنية، فإذا ادني منهم تقلصت شفاههم، وانتثر لحوم وجوههم، فإذا شربوا منها وصار في أجوافهم يصهر به ما في بطونهم والجلود، ثم يضرب على رأسه ضربة فيهوي سبعين ألف عام حتى يواقع السعير فإذا واقعها سعرت في وجوههم، فعند ذلك غشيت أبصارهم من نفحها، ثم يضرب على رأسه ضربة فيهوي سبعين ألف عام حتى ينتهي إلى شجرة الزقوم شجرة تخرج في أصل الجحيم، طلعها كأنه رؤوس الشياطين، عليها سبعون ألف غصن من نار، في كل غصن سبعون ألف ثمرة من نار، كل ثمرة (2) كأنها رأس الشيطان قبحا ونتنا، تنشب على صخرة مملسة سوخاء كأنها مرآة ذلقة، ما بين أصل الصخرة إلى الصخرة (الشجرة خ ل) سبعون ألف عام، أغصانها يشرب من نار، وثمارها نار، وفرعها نار، فيقال له: يا شقي اصعد، فكلما صعد زلق، وكلما زلق صعد، فلا يزال كذلك سبعين ألف عام في العذاب، وإذا