في أبيها قرآن ولا تعلمه لشدة حرصها على قيام ناموسه كما دل عليه تقديمها له وفي منصب نبيه وغيره، ولو نزل به شئ لاحتج به يوم السقيفة ولم يحتج بالأئمة من قريش، لخروج علي من شركته، بل أولى لمسيس قرابته، وليحسن أن يقال في علي الولي شعرا:
علونا فلو مدت إلينا بنانها * يمين المناوي زايلتها المعاصم وعلت بمجد من سناء محلق * إذا ما يمين قيدتها الأداهم مفاخر ميراث ومجد مؤثل * رفيع الذرى يشقى بهن المخاصم ومنها: قوله تعالى: (قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون (1)) فالداعي ليس النبي لقوله تعالى: (قل لن تتبعونا) ولا علي لقوله: (أو يسلمون) لأنه لم يقاتل في خلافته إلا مسلما، فهو أبو بكر حين بعث خالدا لقتال أهل الردة، وهم الموصوفون بالبأس والشدة كانوا ثمانون ألفا فغنم وسبي وقتل مسيلمة وتسرى علي من سبيه بالحنفية وكان ذلك أسا لبقاء الاسلام بعد النبي صلى الله عليه وآله.
قلنا: لا نسلم أن النبي صلى الله عليه وآله لا يكون داعيا بقوله: (لن تتبعونا) فإن الله بشر من حضر الحديبية بغنيمة خيبر، فأراد المخلفون مشاركتهم، فقال النبي.
(لن تتبعونا) لأن الله وعدنا بها خاصة هكذا قال ابن عباس، ومجاهد، وغيرهما على أن (لا تتبعونا) خبر لا نهي، فلا يدل على عدم الدعوة كما قال تعالى: (فإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله (2)) قال: (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا) فالنبي صلى الله عليه وآله خبر بأن المخلفين لن يتبعوه لامتناع تبديل كلام الله مع أنه دعاهم بعد ذلك إلى قوم ذي قوة مثل حنين والطائف وثقيف وهوازن في حياته، فلا موجب للحمل على ما بعد وفاته. ولئن سلم كون النبي صلى الله عليه وآله ليس داعيا لا يلزم كونه أبو بكر لجواز كونه عليا.