الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا (1)) قلنا: لو انحصر الجهاد بضرب السيف، لم يكن الشيخان من المؤمنين، حيث فرا بخيبر وحنين، فلم يكونا إذ ذاك بالمؤمنين.
بل من الجهاد جهاد النفس في الصبر، ومنه حراسة الدين بالحجج والبراهين وبهذا يندفع قولهم: لو كنتم مؤمنين لانتصرتم لقوله تعالى: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا (1)) قلنا: لو أريد نصرة الحرب لم يكن أنبياء بني إسرائيل مؤمنين، وقد أخرجوا أمعاء حبيب النجار بالوطي، وهو مؤمن آل ياسين وقد كسر المسلمون بأحد، وحصر عثمان وحزبه، وتولت البرامكة على الناصبية فلا إيمان لهم ولا لأئمتهم، بموجب تقريرهم، فلله الحمد على لزومهم التناقض كطوق الحمامة إلى يوم القيامة، وقد ذكر حزقيل من آل فرعون يكتم إيمانه.
قالوا: بلغ من إخفاء دينكم أن تلعنوا أنفسكم، إذا قيل: لعن الله الرافضي قلتم مثله، قلنا: فأنتم لعنتم إمامكم الذي هو أعظم من ذلك إذا قلنا: لعن الله من خالف النبي، قلتم مثله، مع نقلكم في صحاحكم أن عمر خالفه في كتابة الكتاب، ولعن الإمام عمدا أبلغ من لعن النفس تقية، ويكفيكم ما خرج في كتبكم عن عائشة من قول النبي صلى الله عليه وآله: شر الناس من يتقي الناس فحشه.
وقد ذكر صاحب كتاب الأوصياء أن القهر والاضطهاد في صالحي ولد آدم طبقة بعد طبقة إلى ما يشاء.
ولقد بلي أيوب بالبلاء، وعني يعقوب بالعناء وناح نوح حتى ثوى، وبكى داود حتى ذوي، ونشر يحيى، وذبح زكريا، وقتل بنو إسرائيل الأنبياء، و لو دلت المغلوبية على بطلان الدين، بطل الاسلام، حيث هرب في ابتدائه سيد المرسلين ولا عيب إذا ظفر الشقي بالولي.
فحربة وحشي سقت حمزة الردى * وحتف علي في حسام ابن ملجم