وقولهم: ما حارب في خلافته إلا مسلما ممنوع، بما أخرجه البخاري وغيره قول النبي صلى الله عليه وآله: صرورة يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وأخرج الفراء في مصابيحه وغيره قول النبي صلى الله عليه وآله لعلي وفاطمة والحسنين أنا حرب لمن حاربتم وحرب النبي كفر، ولأن من استحل دم مؤمن كفر، فكيف بالإمام.
إن قالوا: لو كانوا كفارا لسباهم قلنا: معارض بفعل النبي صلى الله عليه وآله بأهل مكة:
قالوا: لا يعلم بقاء المخلفين إلى زمان علي حتى يتم كونهم مدعوين قلنا ولا يعلم بقاهم إلى زمان أبي بكر على أن قوله: (ستدعون) يحتمل كون الداعي هو الله بإيجاب القتال عليهم، وذبهم عن أهل دينهم، ولو سلم كون أبي بكر داعيا لم يلزم كونه إماما لما أخرجه البخاري في صحيحه من قول النبي صلى الله عليه وآله: إن الله ينتصر لهذا الدين بالرجل الفاجر فلعلهم دعاهم إلى حق ولم يكن على حق، و الطاعة لله فيه لا لداعيه، وإن كان على حق لم يلزم أن يكون رئيسا، إذ يتعين على كل مدعو إلى صواب الإجابة، سواء كان الداعي شريفا أم لا، فسقط الاحتجاج.
ومنها: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله (1)) والنبي صلى الله عليه وآله لم يأخذ سوى جزيرة العرب، وإنما ظهر الدين في خلافة المشايخ، فإنهم أجلسوا على التراب ملوك الأديان، وكان في سبيهم بنت كسرى شاه زنان، فلا دليل أظهر منه على صحة خلافتهم، لظهور دين الحق بإمامتهم قلنا: المراد ظهوره على أهل الأديان بالحجة والبرهان، لقرينة (الهدى) لا لغلبة الأعداء، ولأن ما ذكروه ظهور على أهل الأديان لا على نفس الأديان والأصل عدم الاضمار وقد سلف أن الله لينتصر لهذا الدين بالرجل الفاجر، وقد علم أن السلاطين الفسقة بمصر وغيرها يغزون الكفار من الأنام، ويحمون بيضة الاسلام، فليتخذوهم مع ما هم من الآثام خلفاء للنبي عليه السلام.
ثم نقول لهم: يلزم على تقديركم، كون الدين ناقصا في حياة نبيكم، و