الشيخين منها، فيخرجان من الآية بمقتضى هربهما عنها، وقد كانت البيعة على أن لا يفروا وقد فر الشيخان، وفيه نكث للعهد والإيمان، وقد أخرج في المجلد الأول من جامع الأصول قول علي والعباس إن أبا بكر وعمر غادران ناكثان خائنان ولهذا أن النبي صلى الله عليه وآله لما هادن أهل مكة بعد البيعة تحت الشجرة حمل المسلمون بالسلاح على قريش، فهزمتهم قريش فبعث عليا فردهم فتابوا فقال النبي:
الآن عودوا إلى البيعة فقد نقضتم ما كان في أعناقكم، فبايعوا على أن لا يفروا فسميت بيعة الرضوان لوقوعها بعد العصيان، وقد فر الشيخان بخيبر وحنين وجماعة من المسلمين أيضا، وهذا نكث لبيعة الرضوان.
على أن الرضا ماض جاز أن يتعلق بفعل ماض، فلا يدل على الرضا في الآتي ولنعم ما قال العوني في هذا الشأن:
فهل بيعة الرضوان إلا أمانة * فأول من قد خانها السلفان وما استوجب الرضوان من خاف ربه * فما لكما إياي تختدعان وبئس الرفيقان الشريكان في الرخى * وفي ساعة الأهوال ينهزمان وكان الفتح لعلي فيها، فهو المخصوص بحكمها.
إن قالوا: يضاف الفتح إلى جميع المسلمين وإن جرى على يد بعضهم فدخل أهل البيعة فيهم فعم الرضا لجميعهم قلنا: هذا عدول عن الظاهر، فإن إضافة الفتح إلى متوليه حقيقة وإلى تابعيه مجاز ولهذا لا يوصف المسلمون المتباعدون بأن الفتح لهم، وإن أضيف إليهم، فلا يطلق على النائمين والنساء والنائين، أنهم هزموا جيوش المشركين.
ومنها: (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصديقون (1)) قلنا: عندكم أن أبا بكر كان غنيا، فلا يدخل في الآية.
إن قالوا: الفقر هنا هو الفقر إلى الله من المال قلنا: الفقر حقيقة من المال، فلا