قالوا: الصحابة وأمير المؤمنين خاطبوا أبا بكر بالإمامة والخلافة لرسول الله صلى الله عليه وآله فيكون إماما صونا لألفاظهم عن النفاق قلنا: ذلك تبع لتسمية الناس له كما يقال: فلان عظيم الروم أي عندهم، وقال تعالى: (انظر إلى إلهك (1)) أي في اعتقادك (ذق إنك أنت العزيز الكريم (2)) أي عند نفسك، ومخاطبة علي بها خبر واحد، ولو سلم جازت منه تقية.
إن قيل: كان له مندوحة عنها، قلنا: لا، كيف وهي المرادة دون غيرها وإنما أحدث إخراج علي قهرا، وأحرق بيته لأجلها.
ومنها: قولهم كان مع النبي في عريشه، قلنا: قعوده إما للمشاورة أو السياسة أو لنشر علم وحكومة، والنبي صلى الله عليه وآله غني عنه في ذلك كله، للوحي المتصل به من ربه، ثم إن قعوده إما من تلقاء نفسه، وفيه نزول عن الجهاد وفضيلته أو بإذن رسوله لألفة، وحاشاه من ذلك، إذ فيه منع لفضيلة جهاده، أو أراد الأنس به وفيه هبوط أيضا لمنزلته، فلم يبق إلا أنه خاف الضرر بوهنه وفشله، حيث يرى الناس شيخا كبيرا في الاسلام قد آثر الانهزام، وهرب الشيخين أمر لا ينكر وقد رواه الثعلبي وغيره في خيبر.
ومنها: قولهم إن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن الله بعثني إليكم جميعا فقلتم: كذبت وقال صاحبي: صدقت، قلنا: هذا يقتضي كذب الجميع إلا أبا بكر، وكيف يصح ذلك وقد صدق من سبقه إلى الاسلام وهو على التكذيب حينئذ.
ومنها: ما رووا من قول النبي صلى الله عليه وآله: أن أبا بكر لم يسؤني قط، قلنا:
هذه صيغة ماض، وهي يستلزم أن كفر أبي بكر لم يسؤه عليه السلام وذلك كفر.
ومنها: ما رووه أن عليا عليه السلام قال في خطبته: اللهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين: قيل: منهم؟ قال: أبو بكر وعمر إماما الهدى، من اقتدى