خبر واحد لا يفيد علما، ومسألة الإمامة علمية وقد رد أبو حنيفة خبر الواحد فيما تعم به البلوى، ورواية عبد الملك اللخمي مطعون فيها، بأنه كان فاسقا جريئا على الله بالقتل، وهو قاتل عبد الله بن يقطر، وهو رسول الحسين إلى مسلم بعد رمي ابن زياد له، وكان مروانيا يتولى القضاء لبني أمية، شديد النصب والانحراف عن أهل بيت النبوة، ولو كان صحيحا لاحتج به أبو بكر في السقيفة، لأنه أقطع من قوله: الأئمة من قريش، لأنهما حينئذ أخص من قريش.
ولو سلم لم يمكن العمل به، لأنه إن أريد الاقتداء بهما في كل الأمور فلا شك في أنهما اختلفا وهو يمنع عموم الاقتداء بهما، ولو اتفقا لم يؤمن الخطأ منهما لإجماع الأمة على سلب العصمة عنهما، وإن أريد بعضها وهو ما يعلم حسنه منها قلنا: بطل اختصاص الاقتداء بهما، ولأن علم الحسن إن استفيد من غيرهما استغني عنهما، ويلزم الدور إن استفيد منهما.
ولأن الخبر روي بنصب (أبا بكر وعمر) اقتديا باللذين من بعدي، وهما كتاب الله وعترتي، فإنه حث عليهما ونفى الضلالة عند التمسك بهما ورواه أهل المذاهب في الجمع بين الصحاح وسنن أبي داود وصحيح مسلم والترمذي وابن عبد ربه والثعلبي وابن حنبل وابن المغازلي.
قالوا: لفظة (اقتدوا) جمع فلو كان ذلك نداء لهما لم يصح الجمع فيهما قلنا: إن جعلنا أقل الجمع اثنين سقط كلامكم، وإن لم نجعله جاز وضع الجمع على الاثنين كما جاز على الواحد.
على أنا لا نسلم أنه حال الخطاب لم يكن معهما ثالث، وأقله الراوي، و أنتم قلتم يراد به كل الأمة.
إن قالوا: نعم أريد الكل وحينئذ يسقط النداء لأنه لا اختصاص لهما بالنداء لو كانا داخلين في الأمة فعلم أن المراد الاقتداء بهما لا اقتداؤهما قلنا: وجه اختصاص النداء بهما تأكيد الحجة عليهما، لعلمه أنهما يليان الأمر بعده، فلذلك أفردهما كما رويتم أنه عليه السلام قال لعائشة: إن أباك يلي الأمر من بعدي، ثم عمر، مع أنه