ومنها: قوله عليه السلام: لا أوتي برجل يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري، قلنا: راويه وهو سويد بن غفلة، أجمع أهل الأثر على كثرة غلطه وكيف يحد من ليس بمفتر، حد المفتري، أو نقول: تفضيله عليهما ولا فضل لهما من أعظم الافتراء. وهذا كمن فضل البر التقي على الكافر الشقي، أو فضل النبي على إبليس الغوي، مع أن الرسول قد فضله في المباهلة والمؤاخاة والطائر والموالاة والمصاهرة والمظاهرة وغير ذلك.
على أنا لا نمنع العبارة في أفضليته عليهما جدلا أو على اعتقاد الخصم وهذا مثل قول حسان:
أتهجوه ولست له بند * فشركما لخيركما الفداء ولم يكن في النبي شر بل على اعتقاد الهاجي.
هذا وقد رووا أن أبا بكر قال: وليتكم ولست بخيركم، وهذا يسقط فضيلته سواء كان صادقا أو كاذبا.
قالوا: قاله تواضعا، قلنا: وعلي قال ذلك تواضعا، إن كان، على أن التواضع لا يجوز في موضع يوجب التلبيس، وهل يسوغ للحرة أن تقول: لست بحرة، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله أولى بمثل ذلك فلا وجه لقوله: أنا سيد ولد آدم.
ومنها: أن أبا سفيان جاء إلى علي يبايعه، فقال: هذه من دواهيك قد أجمع الناس على أبي بكر ما زلت تبغي العوج للاسلام في الجاهلية والاسلام، قلنا:
هذا غير صحيح لعدم دورانه بين الفريقين، وإن صح فليس في الاجماع دليل الصواب لأنه قد يكون على الخطأ كما أجمع قوم موسى على العجل، والقبايل على قتل النبي ليلة المبيت.
إن قيل: لو كان خطأ لم يجز أن يقعد عنه علي وقد قال له أبو سفيان: والله لأملأنها على أبي فصيل خيلا ورجلا قلنا: خاف على ذهاب أصل الدين، بإثارة الفتنة، خصوصا مع كون المشير منافقا، وعلي بخبث سريرته قاطعا، على أن