دون غيره، قلنا: يرده قوله تعالى: (فقد نصره الله (1)) ولم يذكره.
قالوا: أنزل الله سكينته على أبي بكر لأنها لم تفارق النبي قط قلنا: لو نزلت عليه لكان في المحاربين، وقد عرفت أنه من جملة الهاربين، والسكينة أجل قدرا وأعظم خطرا من أن يطيش محلها أو يهرب من وصف بها، وهذه كتب المغازي لم يذكر في شئ منها ثابتا، ولا لضعيف فضلا عن غيره قاتلا ولا جارحا، بل المشركون بريئون من محاربته، مبتلون بعلي ونكايته، وقد وسمه النبي صلى الله عليه وآله بالفرار كما سمى عليا بالكرار، وهما من أسماء المبالغة وأيضا فلو كانت لم تفارق النبي صلى الله عليه وآله قط فما بالها نزلت بعد ذلك في قوله: (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين (2)) بل نقول: اختصت في الغار بالنبي إذ لو كان معه مؤمن لشركه فيها كغيرها، وما هذا إلا كتنبيه الغافلين، وإرشاد الضالين، ولأن (الهاء) كناية عن النبي من أول الآية إلى آخرها، ولم يأت بالتثنية في نزولها.
إن قالوا: جازت العناية بالواحد عن الاثنين في (انفضوا إليها (3)) (ولا ينفقونها) (4) قلنا: معلوم عند السامع الرجوع إليها بخلاف ما نحن فيه إذ لا يعلم السامع بدخول أبي بكر معه كما تدعيه، فيكون ملغزا غير لايق بقوله: (تبيانا لكل شئ (5).
قالوا: اختص أبو بكر بالحزن فاختص بالسكينة لحاجته قلنا: جاز مشاركة النبي له فيه فهو أولى بها منه، على أن السكينة لم ترتبط بالحزن لنزولها على النبي صلى الله عليه وآله في بدر وحنين.
إن قالوا: خاف ولم يظهره، قلنا: وفي الغار خاف ولم يظهره.