شيوخه عن هشام ابن زياد وأيضا لو لم يكن الأمر معروفا مشهورا لم يفعله عمر بن عبد العزيز، لما فيه من التنفير مع موضعه من الخلافة، وعاتبه بنو أمية على ذلك، وقالوا: هجنت فعل الشيخين، فقال: إنكم جهلتم وعلمت ونسيتم وذكرت وطرف من ذلك قد تقدم في باب الطعن على من تقدم.
وأما تركه عليه السلام ردها في ولايته فلما أسنده ابن بابويه في كتاب العلل إلى الصادق عليه السلام إن الظالم والمظلوم كانا قد انتقلا إلى الله، فعاقب الظالم، وأثاب المظلوم، فلذلك كره عليه السلام ارتجاعها وأسند إلى إبراهيم الكرخي قول الصادق عليه السلام: إن عليا اقتدى في ذلك برسول الله صلى الله عليه وآله فإن عقيلا باع دوره بمكة فلما فتحها قيل: ألا تدخل دورك فقال: وهل ترك لنا عقيل دورا، إنا أهل بيت لا نسترجع شيئا يؤخذ منا ظلما، ونحوه أسند ابن فضال إلى الكاظم عليه السلام.
وقد قالت لأبي بكر: سيجمعني وإياك يوم يكون فيه فصل الخطاب، فلما وكلت الأمر فيه إلى الله أراد علي ما أرادته، أو تركها بوصيتها أو ليعلم بني أمية وغيرهم ظلمه لها.
وأيضا نقول: إنما لم يردها لاستمرار التقية، وخوف إفساد الدين، فإن أكثر من تابعه كان يعتقد إمامة الثلاثة، وأنها ثبتت بالاختيار، فإن أكثرهم بايعه على موالاة من كان قبله، والحذو على سيرتهم، فلم يتمكن من تغيير ما يقدح في إمامتهم، ولهذا لما قال عليه السلام: وسنة نبيه نزع (1) يده من يده، وبايع غيره.
إن قيل: فقد خالفهم في مسائل فما بال فدك؟ قلنا: ليس في تلك ما يؤدي إلى تظليم القوم، وتحريك الأحقاد الكامنة فيهم، وقد وافقهم في كثير، ولهذا قال لقضاته: اقضوا كما كنتم تقضون، حتى تكون الناس جماعة أو أموت كما مات أصحابي، فلينظر العاقل ما في هذه الأحوال.