إن قيل: لما لم تثبت حجيته هناك لم تثبت في كل إجماع لعدم القائل بالفرق قلنا: هذا إثبات لأصل الاجماع بأضعف أنواع الاجماع، وهو دور.
سلمنا وصف الأمة بالعدالة، فلم قلتم هي عدل في كل شئ فإن الوصف الثبوتي يكفي صورة صدقه، فإذا قلنا: فلان عالم لا يقتضي عموم علمه.
سلمنا تعميم العدالة لكن يجوز أن تكون شهادتها لأبي بكر خطأ لعدم عصمتها وهي من الصغائر، فلا تقدح في عدالتها انتهى معنى ما حكاه الرازي منها ولم يأت بنقض عليها.
قالوا: قال عليه السلام: لا تجتمع أمتي على ضلال قلنا: قد سلف هذا، ونزيد هنا بأنه خبر واحد، فيرجع الاجماع إليه، فلا حجة فيه، وإن كان مجمعا عليه لزم إثبات الشئ بنفسه، وقد أنكره النظام وجماعة وهو أيضا مخصوص بمن عدا المجانين والأطفال والعوام وقد اختلف في حجية العام المخصوص، وحينئذ نخص كل أدلة الاجماع، وخيار الأمة وأفضلها الإمام، فالعبرة بقوله فمن ثم لا تجتمع الأمة على ضلال.
على أنه يجوز تأويل الأمة بالأئمة كما سلف وقد قرئت (تجتمع) بسكون العين على أنه نهي لا خبر، وهو أولى وإلا لزم كذب الخبر عندهم لوجوب الأمر شرعا على الناس في كل أوان، وقد أجمعوا على تركها الآن.
إن قيل: لا تجتمع أمتي على ضلال اختيارا لا قهرا قلنا: فجاز اجتماعكم على خلافة أبي بكر قهرا، لا اختيارا، ولئن سلمت حجيته لا نسلم حصوله لخروج وجوه بني هاشم منه، والاثنى عشر الذين شهدوا على رسول الله صلى الله عليه وآله عند أبي بكر بالخلافة لعلي، وقد سلفت أقاويلهم وأسماؤهم ولقد أحسن بعض الفضلاء في قوله شعرا:
الناس للعهد ما والواو ما قربوا * وللخيانة ما عابوا ولا شنعوا وفيم صيرتم الاجماع حجتكم * والناس ما اتفقوا طورا وما اجتمعوا أمسى علي بعيدا من مشورته * مستنزعا فيه والعباس يمتنع