وخرج معها طلحة والزبير ومعظم الصحابة وكانت المحاربة فقتل طلحة و كف يده عن الزبير، لقول النبي صلى الله عليه وآله: بشروا قاتل ابن صفية بالنار، فصرف زبير الرمح عن ترقوة علي لما رآه لا يمد يده إليه فقال له: أنسيت قول النبي صلى الله عليه وآله: ستحاربه وأنت ظالم له؟ فحطم رمحه فولى فتبعوه وقتلوه، و انكسر العسكر، وأمر علي بستر عائشة ثم اجتمع معها، وتباكيا وندما، على ما كان منهما.
قالوا: ثم بعث علي إلى معاوية يعزله عن الشام، فدفع كتابه إلى عمرو بن العاص، فقال: اجعل لي مصر حتى أكفيك همه، ففعل قال: اكتب إليه: من ارتضاك حتى يصل عزلك إلي؟ ثم امتد الشر حتى كان حرب صفين، وقتل سبعون ألفا من المسلمين: من أصحابك علي خمسة وعشرون، ومن أصحاب معاوية خمسة وأربعون ثم جرى التحكيم فاتفق عمرو والأشعري على خلعهما، ونصب عبد الله بن عباس (1) فلما عزلهما الأشعري أثبتها عمرو في معاوية فقال: ما على هذا كان الاتفاق أنت كالحمار تحمل أسفارا فقال عمرو: وأنت كالكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ثم افترق الفيلقان، فشاق عليا الخوارج من أصحابه وكان حرب النهروان وكان منهم ابن ملجم، فقتل عليا بمسجد الكوفة ودفن علي فيه بين قصر الإمارة والقبلة.
قلنا: نمنع من عدم سبب آخر غير البيعة، لأن الأمة لما افترقت ثلاث و سبعين للحديث المشهور، خرج منها أربع النصيرية والناكثون والقاسطون والمارقون والباقون ادعوا النص وأنكروا الاختيار وقد أسلفنا ذلك في الآيات والأحبار.
وقد قال إمام الحرمين: الاجماع على إمامة علي لا حاجة له، وإنما هاجت الفتن لأمور أخر قلت: هي التهمة بقتل عثمان المسبب عن الشورى التي لم تكن برضا علي، فكان حرب الجمل وصفين عنها، والخوارج مسبب عن المسبب عنها.