قلنا: كيف لم يحملها ميتا وقد جعلها شورى في تلك القوم، وقد كانت الشورى سببا لكل شر إلى اليوم، وفي ذلك قوله (إن كانت خيرا) شك في خلافة نفسه وقول عثمان: لا أخلع قميصا قمصنيه الله، يناقض قول عمر هذا، وقول أبي بكر أقيلوني.
وقد ذكر نظام الدين الشافعي في شرحه للطوالع أن عبد الرحمن عرض على علي أن يبايعه على كتاب الله وسنة نبيه وسيرة الشيخين - ثلاث مرات - فأبى سيرة الشيخين، فأعرض ذلك على عثمان ثلاثا فقبله وهو من أقوى الأدلة على اعتقاده فساد سيرتهما وبايعه عليا خوفا عند قول عبد الرحمن له بايع ولا تجعل على نفسك سبيلا كما نقله المخالف عنه، والتخويف والتهديد ظاهر فيه.
وفي رواية ابن قتيبة عن عبد الرحمن أنه قال له: فإنه السيف لا غير، وفي كتاب ابن قتيبة قول علي عليه السلام [عند قول عبد الرحمن] بايع عثمان وإلا جاهدناك:
فبايعت مستكرها وفي رواية المخالف فبايعت واللج على قفي، واللج السيف والقف الفقار قال علي لعبد الرحمن: ما أملت منه إلا ما أمل صاحبك من صاحبه، فدق الله بينكما عطر منشم (1).
والعجب لعمر كيف يشهد لهم برضى النبي عنهم ثم يأمر أبا طلحة الأنصاري أن يكون في جيش من قومه إن مضت ثلاثة أيام ولم يتفقوا بقتلهم، ثم بقتل الثلاثة الذين ليس فيهم عبد الرحمن لعلمه أنه لا يعدل بها من ختنه عثمان، ثم وصف عمر كل واحد من الخمسة بوصف فيه تعريض بعدم صلاحه للخلافة، وقال في علي:
ما يمنعني منك إلا حرصك عليها وأنك أجرى القوم إن وليتها تقيمهم على الحق