فصل قال الشيخ أيده الله: وقال الجاحظ في آخر فصل حكاه عن النظام في الفتيا: وكان إبراهيم من حفاظ الحديث مع ذهن حديد ولسان ذرب يتخلص به إلى الغامض، ويحل به المنعقد، ويقرب به ما بعد وهو مع ذلك يخطئ خطأ الغمر ويخبط خبط السكران ويجمع بين التيقظ والغفلة والحزم والإضاعة.
ثم قال عمرو عقيب هذا الفصل: وقول إبراهيم هذا لم يعمل به مسلم وهو وإن طول وكثر فإن المأخذ في الكثير عليه قريب، فقد شهد عمرو على النظام بخلافه الأمة في المقال، ووصفه بالجمع بين المتضادات وهو أعرف بمذهبه من هؤلاء الجهال، وبعد فإن لم نصدق الجاحظ عليه في هذه الحكايات لم يجب أن نصدقه عليه في جميع ما حكاه من مذاهبه لأنها لم تظهر إلا من جهته، وإذا أكذبناه في ذلك كله لم نعرف للنظام مذهبا في الفتيا فضلا عن أن يحتاج إلى الاحتيال له في التخريجات.
على أن هذه الجماعة التي حكينا عنها الانكار لا بد لها مع إقامتها على ذلك من تكذيب الجاحظ وتضليله وتجهيله في الرد على النظام، لأنه قد رد عليه في هذا الكتاب على ترتيب ما حكيناه من تدينه بما وصفناه، وليست في موضع من يقبل قولها على الجاحظ ويترك ما خبر به وحكاه إلى شهواتها وأمانيها التي تدل على سوء التدبير وقلة الدين وضعف الرأي.
قال الشيخ أيده الله: فهذه جملة ما ثبت عن النظام في الطعن على الصحابة والأئمة الراشدين والتابعين بإحسان، ولو أوردنا جميع ما في هذه الأبواب من مقاله لطال به الكتاب، وقد أضربنا عن مناقضته بين الأخبار وإيراده تكذيب