فصل مع أن النظام لم يحتج في شاهد مذهبه إلى الشهادة عليه من عمرو بن بحر وغيره من حيث صرح بما مضى وبما أنا مبينه الآن حيث يقول: وقلتم - يعني مخالفيه - إن قولنا هذا - يعني قوله - خلاف على الجماعة وأن النبي (ص) قال: يد الله على الجماعة، ثم قال حاكيا عن مذهبه: فنحن لا نزعم أن أصحاب رسول الله (ص) أطبقوا على الرأي وأجمعوا على القول في الفتيا فيكون كما وصفتم ويخالف ما ادعيتم، وإنما كان يرى الفتيا بالقياس وترك المنصوص عليه من أصحاب رسول الله (ص) عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وزيد ومعاذ وأبو الدرداء وأبو موسى وناس قليل من أحداث الصحابة دون الأكابر والباقون هم الجماعة، وهؤلاء النفر هم أصحاب الفرقة، ولكن لما كان فيهم عمر ابن الخطاب وعثمان وهؤلاء معهم سلطان الرغبة والرهبة، شاع لهم ذلك في الدهماء وانقادت لهم العوام وجاز للباقين السكوت على التقية وعلى أنهم قد علموا أنه غير مقبول منهم ولا مسموع قولهم.
قال الشيخ أيده الله: أفلا ترون وفقكم الله إلى تجريده مذهبه في تمييز الصحابة وتعيين من طعن عليه منهم فبدأ بعمر بن الخطاب وأتبعه الباقين، وقبل هذا قد ذكر أبا بكر وصرح بالطعن عليه في قوله في الكلالة، وطعن على عبد الله ابن عباس بعد هذا وعلى ابن عمر، وذكر في هذا الفصل بعينه علة استفاضة القول في الصحابة بالرأي وأنها هي التمكن والغلبة والسلطان ونحن مصدقوه فيما ذكره عن القوم، ومصوبوه في تعلقه بانغمار الحق بالتقية إلا إدخاله أمير المؤمنين - عليه السلام - في جملتهم في القول بالقياس والرأي ومكذبوه ورادون عليه بما سلف لنا في ذلك من البيان، وما أعلم أحدا أجسر على البهتان ممن تعلق في مذهب النظام بخلاف ما شرحه هو في مقالته وحكيناه عنه في المواضع المقدمات.