بعض القوم لبعض في الروايات وشهادته عليهم بالبدع في الديانات وقول الزور والبهتان، فمتى أردتم أرشدكم المعرفة ذلك على الكمال فعليكم بكتاب الفتيا لعمرو بن بحر الجاحظ فإنكم تجدونه في ذلك على الاستقصاء والبيان، مع أن إبراهيم في اعتذاره من الإقدام على تخطئة الأمة ملبس في ذلك على الضعفاء لأنه يدين بفساد الاجماع. وقد ذكر ذلك عنه عمرو بن بحر في هذا الكتاب فقال: وقال إبراهيم: لم يضطرني الخبر أن النبي (ص) قال: " لا تجتمع أمتي على خطأ " وكان يزعم أنه قد يجوز أن يجتمع المسلمون على ضلالة ولكن لا يجتمعون على خطأ بعينه.
وقال الجاحظ في افتتاح حكاياته عنه: زعم إبراهيم بن سيار أن سبيل القرآن كسبيل التوراة والإنجيل والزبور وجميع كتب الأنبياء، وأن سبيل هذه الأمة في فتياها وأحكامها كسبيل أمة موسى وعيسى وجميع الأنبياء - عليهم السلام -، وأن أصحاب محمد (ص) حين تكلفوا القول في الفتيا وقالوا بالقياس لم يعد أمرهم أحد وجهين: إما أن يكونوا ظنوا أن ذلك جائز لهم بسبب غلطوا فيه ولأمر توهموه، أو يكون ذلك كان منهم على التآمر والتحكم وليكونوا أئمة وقادة وسلفا.
قال الشيخ أيده الله: في هذا - أدام الله توفيقكم - كفاية في الدلالة على مذهب الرجل في جواز تغيير القرآن والزيادة فيه والنقصان والطعن على الاجماع والبراءة من أهل بيت النبي (ص) والصحابة جميعا والتابعين بإحسان، وكفى بمعتقد هذا الرجل كفرا وإلحادا وخروجا عن دين الإسلام، والحمد لله على ما من به علينا من هدايته وله الشكر على نعمته في دينه وإياه نسأل سترا جميلا برحمته.