عن كلامه إلى كلام الناس، وكيف لم يجر فساد قط في ما سلف عند موت نبي أو ملك كان المعلوم أو المظنون أنه لو وقع موته ساعة من النهار يصلح الناس وارتفع ذلك الفساد فكيف لم يسبقه إلى ذلك أحد عند موت من ذكرناه من الملوك والأنبياء، وأي فساد كان يتخوف من السكوت عن الباطل والكذب ودفع الضرورات، وما كان وجه الفساد الذي يتخوفه الرجل، وإنما انتشرت الكلمة ووقع معظم الخلاف بعد رجوعه عما كان ادعاه.
مع أنا لا نجده استصلح أحدا من الأمة بذلك ولا نعرف وجها في كلامه للاستصلاح، وقد وجدنا ما كان يتخوفه من الفساد مع مقاله ذلك، فأي فائدة حصلت للأمة فيما أورده وعلى أي معنى يحمله إن لم يكن أراد الإفساد والتلبيس والاضلال، على أن الرجل نفسه قد أظهر أنه قال القول الذي حكيناه عنه على وجه الاعتقاد له وصرح بأنه لم يقصد الاستصلاح بمقال ظاهره خلاف باطنه في الحال وأبطل قول من خرج له العذر بالاستصلاح.
فروى محمد بن إسحاق عن الزهري قال: أخبرني أنس بن مالك قال: لما بويع أبو بكر في السقيفة وكان من الغد، جلس أبو بكر على المنبر فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر فحمد الله وأثنى عليه وقال: " أيها الناس إنه كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت إلا عن رأي، وما وجدتها في كتاب الله ولا كانت بعهد من رسول الله (ص) ولكن قد كنت أرى أن رسول الله (ص) سيدبر أمرنا حتى يكون آخرنا موتا ".
وروى عكرمة عن ابن عباس قال: " والله إني لأمشي مع عمر في خلافته وما معه غيري وهو يحدث نفسه ويضرب قدميه بدرته إذ التفت إلي فقال: يا بن عباس هل تدري ما حملني على مقالتي التي قلت حين توفي رسول الله (ص) قال: قلت: