أفتراه كان في تقية؟ كلا، ما كانت عليه تقية من ذلك لأن أصل الفساد لم يكن عليه من قبل خلافهم له في الفتيا، وإنما كان الخلاف من طلحة والزبير على وجه طلب الشورى وأنهما بايعاه بالمدينة كارهين والطلب بدم عثمان، وأنه كان سدى ذلك ولحمته، وأن قاتل عثمان لا يكون للناس إماما، وكان خلاف عبد الله بن وهب على أن من حكم الرجال في واجب الدين وما قد أفصح به الكتاب فغير إمام، فلو كان اضطراب جل الناس من قبل الخلاف على علي - عليه السلام - في الفتيا كان لما قال وجه، فكيف وقد حكم في كل ما ذكرناه بخلاف ما عليه الجماعة ثم لم يكن في ذلك تنكير ولا تغيير ثم قال إبراهيم عقيب هذا الفصل: فكيف تجب طاعة قوم هذه سيرتهم وأقاويلهم ومذاهبهم يعني عليا أمير المؤمنين - عليه السلام - وأبا بكر وعمر وزيدا و عبد الله بن مسعود و عبد الله بن عباس ومن تقدم ذكره، غير أنه لم يذكر عثمان على التفصيل وأظن أن الجاحظ طوى ذكره لعصبيته للعثمانية والمروانية إلا أنه قد حكى عنه الطعن عليه في الجملة في فصل أنا أورده إن شاء الله.
قال الشيخ أيده الله: وليس في جميع هذا الفصل الذي حكيناه عن إبراهيم كثير طائل ولا معتمد من شبهة فيتعلق بها المبطل غير ألفاظ في جملة ما أورده، أنا أبين عن وهن متضمنها وإن كان في المختصر الذي قدمته من النقض عليه كفاية لولا أنني أريد البيان.
أما ما ذكره من خلافه - عليه السلام - على جملة القوم فالعار في ذلك على من خالفه دونه والعيب يختص به سواه، لأنه - عليه السلام - هو الإمام المتبوع والقدوة المتأسى به والمدلول على صوابه والمدعو إلى اتباعه حيث يقول رسول الله (ص): " أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب " وحيث يقول (ص) وقد