فقد أقررت ما أنكرت الآن، ومع هذا أفليس من أصلك أن كل أحد بعد النبي (ص) يؤخذ من قوله ويترك إلا ما انعقد عليه الاجماع؟ قال: بلى. قلت: أفليس هذا يسوغكم الخلاف على أمير المؤمنين - عليه السلام - في كثير من أحكامه التي لم يقع عليها الاجماع؟
وبعد فليست بي حاجة إلى هذا التعسف ولا أنا مفتقر فيما حكيت إلى هذا الاستدلال لأنه لا أحد من الفقهاء إلا وقد خالف أمير المؤمنين - عليه السلام - في بعض أحكامه ورغب منها إلى غيره، وليس فيهم أحد وافقه في جميع ما حكم فيه - عليه السلام - من الحلال والحرام.
وإني لأعجب من إنكارك لما ذكرت وصاحبك الشافعي يخالف أمير ا لمؤمنين - عليه السلام - في الميراث وا لمكاتب ويذهب إلى قول زيد فيهما.
ويروي عنه - عليه السلام - أنه كان لا يرى الوضوء من مس الذكر ويقول هو إن الوضوء منه واجب، وإن عليا - عليه السلام - خالف الحكم فيه بضرب من الرأي.
وحكى الربيع عنه في كتابه المشهور عنه أنه قال: لا بأس بصلاة الجمعة والعيدين خلف كل أمين وغير مأمون ومتغلب، صلى علي بالناس وعثمان محصور، فجعل الدلالة على جواز الصلاة خلف المتغلب على أمر الأمة صلاة الناس خلف علي - عليه السلام - في زمن حصر عثمان، فصرح بأن عليا - عليه السلام - كان متغلبا، ولا خلاف أن المتغلب على أمر الأمة فاسق ضال، وقال لا بأس بالصلاة خلف الخوارج لأنهم متأولون وإن كانوا فاسقين، فمن يكون هذا مذهبه ومقالة إمامه وفقيهه، يزعم معه أنه لو صح له عن أمير المؤمنين - عليه السلام - شئ أو عن ذريته الطاهرين - عليهم السلام - لدان به لولا أن الذاهب إلى هذا يريد التلبيس.
وليس في فقهاء الأمصار سوى الشافعي إلا وقد شارك الشافعي في الطعن