شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٩ - الصفحة ٤٠٤
بنفسه (إن إبراهيم (عليه السلام) إنما قال: (بل فعله كبيرهم هذا) إرادة الإصلاح ودلالة على أنهم لا يفعلون) لعل المراد إرادة اصلاح حال قومه برجوعهم عن عبادة الأصنام وجه الدلالة أن العاقل إذا تفكر في نسبة الكسر إليها وعلم أنه لا يصح ذلك إلا من ذي شعور عاقل قادر وعلم أن هذه الأوصاف منتفية فيها وعلم أنها لا تقدر على دفع الاستخفاف والضرر عن نفسها علم أنها ليست بمستحقة للألوهية والعبادة ويكون ذلك داعيا إلى الرجوع عنها، ورفض العبادة لها وللعلماء فيه وجوه أخر:
الأول أنه من المعاريض التي يقصد بها الحق وإلزام الخصم وتبكيته فلم يكن قصده (عليه السلام) أن ينسب الفعل الصادر عنه إلى الصنم وانما قصده أن يقرره لنفسه على أسلوب تعريضي وهذا كما لو قال صاحبك وقد كتبت كتابا بخط حسن وأنت مشهور بحسن الخط: أنت كتبت هذا؟ وصاحبك أمي لا يحسن الخط ولا يقدر فقلت: بل كتبته أنت، كان قصدك بهذا الجواب تقريره لك مع الاستهزاء به لا نفيه عنك وإثباته لصاحبك الأمي، والتعريض مما يجوز عقلا ونقلا لمصلحة كجلب نفع أو دفع ضر أو استهزاء في موضعه أو نحوها.
الثاني أنه (عليه السلام) غاظته الأصنام حين رآها مصطفة مرتبة وكان غيظ كبيرها أشد لما رأى من زيادة تعظيمهم وتوقيرهم له فأسند الفعل إليه لأنه هو السبب في استهانته وكسره لها، والفعل كما يسند إلى المباشر يسند إلى السبب أيضا.
الثالث أن ذلك حكاية لما يقود إليه مذهبهم كأنه قال: ما تنكرون أن يفعله كبيرهم فإن من حق من يعبد ويدعي إلها أن يقدر على أمثال هذه الأفعال سيما الكبير الذي يستنكف أن يعبد معه هذه الصغار.
الرابع ما روي عن الكسائي أنه كان يقف عند قوله (بل فعله) ثم يبتدئ (كبيرهم هذا) أي فعله من فعله، وهذا من باب التورية إذ له ظاهر وباطن. باطنه ما ذكر، وظاهره إسناد الفعل إلى الكبير وفهمهم تعلق به، ومراده (عليه السلام) هو الباطن.
الخامس ما روي عن بعضهم أنه كان يقف عند قوله (كبيرهم) ثم يبتدى بقوله (هذا فسألوهم) وأراد بالكبير نفسه لأن الإنسان أكبر من كل صنم، وهذا أيضا من باب التورية، وأنت خبير بأنه يتم حينئذ بدون الوقف أيضا بأن يكون هذا إشارة إلى نفسه المقدسة، والمغايرة بين المشير والمشار إليه بحسب الاعتبار كاف في الإشارة.
السادس أن في الكلام تقديما وتأخيرا والتقدير بل فعله كبيرهم إن كانوا ينطقون فاسألوهم، فيكون إضافة الفعل إلى كبيرهم مشروطا بكونهم ناطقين فلما لم يكونوا ناطقين لم يكونوا فاعلين،
(٤٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاستغناء عن الناس 3
2 باب صلة الرحم 6
3 باب البر بالوالدين 19
4 باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم 29
5 باب اجلال الكبير 31
6 باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض 33
7 باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه 38
8 باب في ان التواخي لم يقع على الدين وانما هو التعارف 39
9 باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه 40
10 باب التراحم والتعاطف 51
11 باب زيارة الاخوان 52
12 باب المصافحة 57
13 باب المعانقة 63
14 باب التقبيل 65
15 باب تذاكر الاخوان 67
16 باب ادخال السرور على المؤمنين 71
17 باب قضاء حاجة المؤمن 77
18 باب السعي في حاجة المؤمن 82
19 باب تفريج كرب المؤمن 87
20 باب اطعام المؤمن 89
21 باب من كسا مؤمنا 95
22 باب في إلطاف المؤمن وإكرامه 97
23 باب في خدمته 101
24 باب نصيحة المؤمن 101
25 باب الإصلاح بين الناس 103
26 باب في أحياء المؤمن 105
27 باب في الدعاء للأهل إلى الايمان 107
28 باب في ترك دعاء الناس 108
29 باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه 114
30 باب سلامة الدين 115
31 باب التقية 118
32 باب الكتمان 127
33 باب المؤمن وعلاماته وصفاته 137
34 باب في قلة المؤمن 184
35 باب الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شيء بعده 189
36 باب في سكون المؤمن إلى المؤمن 196
37 باب فيما يدفع الله بالمؤمن 197
38 باب في ان المؤمن صنفان 198
39 باب ما اخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به 201
40 باب شدة ابتلاء المؤمن 206
41 باب فضل فقراء المسلمين 221
42 باب 231
43 باب ان للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان 233
44 باب الروح الذي أيد به المؤمن 239
45 باب الذنوب 241
46 باب استصغار الذنب 279
47 باب الإصرار على الذنب 281
48 باب في أصول الكفر وأركانه 283
49 باب الرياء 291
50 باب طلب الرئاسة 300
51 باب اختتال الدنيا بالدين 304
52 باب من وصف عدلا وعمل بغيره 305
53 باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال 306
54 باب الغضب 310
55 باب الحسد 316
56 باب العصبية 321
57 باب الكبر 323
58 باب العجب 332
59 باب حب الدنيا والحرص عليها 337
60 باب الطمع 352
61 باب الخرق 353
62 باب سوء الخلق 354
63 باب السفه 356
64 باب البذاء 358
65 باب من يتقى شره 365
66 باب البغي 367
67 باب الفخر والكبر 369
68 باب القسوة 375
69 باب الظلم 379
70 باب اتباع الهوى 388
71 باب المكر والغدر والخديعة 393
72 باب الكذب 397
73 باب ذي اللسانين 409
74 باب الهجرة 411
75 باب قطعية الرحم 414
76 باب العقوق 418
77 باب الانتفاء 421
78 باب من آذى المسلمين واحتقرهم 421
79 فهرس الآيات 430