غدرة فجرة ولكل فجرة كفرة ألا وإن الغدر والفجور والخيانة في النار.
* الشرح:
قوله (لولا كراهية الغدر كنت من أدهى الناس) الدهاء «زيرك شدن»، والمراد به هنا طلب الدنيا بالحيلة واستعمال الرأي في غير المشروع مما يوجب الوصول إلى المطالب الدنيوية وتحصيلها وطالبها على هذا النحو يسمى داهيا وداهية للمبالغة. وهو مستلزم للغدر بمعنى نقض العهد وترك الوفاء والوصول إليها بهذا الطريق، وأشار (عليه السلام) بهذا الكلام إلى نفي الدهاء عن نفسه المقدسة بنفي لازمه الذي هو الغدر لأن نفي اللازم يستلزم نفي الملزوم، ثم أشار إلى أن الغدر مستلزم للفجور بقوله:
(إن لكل غدرة فجرة) لأن الوفاء لما كان فضيلة تحت العفة كان الغدر الذي هو ضده رذيلة تحت ما يقابل العفة وهو الفجور، والظاهر أن اللام في «لكل» مفتوحة للمبالغة في التأكيد «وغدرة» بالتحريك جمع غادر، ثم أشار إلى أن الفجور مستلزم للكفر بقوله:
(ولكل فجرة كفرة) وهو ظاهر مع استحلال الفجور كما في معاوية وعمرو بن العاص وأضرابهما من رؤساء الغادرين الفاجرين حيث أنكروا ما هو ضروري دين نبينا (صلى الله عليه وآله) وغدروا بإمام الزمان حتى فعلوا ما فعلوا، وأما مع عدم الاستحلال فالظاهر أن المراد بالكفر كفر نعم الله تعالى وسترها وكفر مخالفته بإظهار معصيته والحمل على الأعم محتمل وتنتج المقدمتان أن كل غدرة كفرة. ثم أشار بقوله:
(وإن الغدر والفجور والخيانة في النار) إلى سوء عاقبة أهلها تحذيرا لعباد الله عز وجل منها وتبعيدا لهم عنها، والخيانة مصدر خانه إذا ترك رعاية ما ائتمن عليه من حقوق الحق والخلق، وقصر في أدائه كما هو وهي تدخل في أفعال القلب والجوارح كلها.