شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٩ - الصفحة ٣٩٠
والفساد والانحراف عن طريق السداد (وكفلت السماوات والأرضين رزقه) أي جعلتها متحملة لرزقه فيأتيه رزقه بوعد العليم القادر الكريم بلا تعب من حيث لا يحتسب فلابد لك أيها الأخ في الله إذا ورد عليك أمران في أحدهما رضاك وفي الآخر رضاه تعالى أن تختار ما فيه رضاه فإن فعلت ذلك فالله كفيلك وولي أمورك في الدنيا والآخرة نعم من كان لله كان الله له (وكنت له ما وراء تجارة كل تاجر) كل أحد في الدنيا تاجر يطلب نفعا في تجارة، والله عز وجل هو النفع والمقصد لهذا العبد من وراء تجارته.
(وأتته الدنيا وهي راغمة) أي أتته على كره منه. أو أتته وهي ذليلة عنده من رغم أنفه من باب قتل وعلم إذ ذل كأنه لصق بالرغام وهو بالفتح التراب.
3 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن يحيى بن عقيل قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إنما أخاف عليكم اثنتين اتباع الهوى وطول الأمل أما اتباع الهوى فإنه يصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة.
* الشرح:
قوله (قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إنما أخاف عليكم اثنتين اتباع الهوى وطول الأمل أما اتباع الهوى فإنه يصد عن الحق (1) وأما طول الأمل فينسي الآخرة) لأن اتباع الهوى وهو ميل النفس إلى

١ - قوله «أما اتباع الهوى فإنه يصد عن الحق» إن الله تعالى بحكمته البالغة ركب في طبيعة الحيوان قوة يميل بها إلى جلب مصالحه والتحرز من مضاره غريزة ملزمة فيميل إلى الطعام والفساد، ويفر من الحر والبرد الضارين وكل مؤذ ومهلك، ويحب أولاده ويبني مسكنه وغير ذلك ويسمون هذه القوة القوة الواهمة ولا يخلو عنها الإنسان من بين الحيوانات، لكن لما كان الحيوان لم يخلق لكسب الفضائل لم يركب في طبيعته قوة مضادة لواهمته فهو مجبور في اتباع هواه، ولا يؤاخذ عليه، وأما الإنسان صاحب النفس الناطقة المستعدة لتحصيل الكمال والفضائل (فألهمها فجورها وتقويها) ولم يخلها والواهمة تميل بها إلى كل جانب، والحق الذي يصد عنه اتباع الهوى هو مقتضى حكم العقل والنطق. فقد يقع المعارضة بين الواهمة والعقل ويستحسن كل منهما ما يستقبحه الآخر فإذا اتبع هواه وميله ولم يلاحظ العقل لم يعرف ما هو الحق، والتجربة شاهدة بأن من يتوجه ذهنه إلى بعض قواه يغفل عن الأخرى كمن صرف ذهنه إلى استماع صوت لا يبين له ما هو حاضر عند بصره، بل ربما غمض عينه ليسمع أحسن، ومن يشتغل بعمل بيده وكلمه أحد ترك شغله حتى يفهم كلام الفائل. ثم يشتغل بعد الاستماع وهكذا حكم الواهمة والعاقلة. فكلما أمعن الإنسان في الالتفات إلى مدركات الواهمة المجبرة له إلى هواه غفل عن الالتفات إلى مدركات العاقلة، وليس خلق الواهمة في الإنسان بغير حكمة ومصلحة. لكن يجب أن يكون العقل مهيمنا عليها حتى يصونها عن الأنهماك، في الشر، فالشهوة والغضب وسائر العواطف خير بشرط كونها تحت تدبير العاقلة، وهذا أصل يبتنى عليه مسائل علم الأخلاق. (ش).
(٣٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاستغناء عن الناس 3
2 باب صلة الرحم 6
3 باب البر بالوالدين 19
4 باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم 29
5 باب اجلال الكبير 31
6 باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض 33
7 باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه 38
8 باب في ان التواخي لم يقع على الدين وانما هو التعارف 39
9 باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه 40
10 باب التراحم والتعاطف 51
11 باب زيارة الاخوان 52
12 باب المصافحة 57
13 باب المعانقة 63
14 باب التقبيل 65
15 باب تذاكر الاخوان 67
16 باب ادخال السرور على المؤمنين 71
17 باب قضاء حاجة المؤمن 77
18 باب السعي في حاجة المؤمن 82
19 باب تفريج كرب المؤمن 87
20 باب اطعام المؤمن 89
21 باب من كسا مؤمنا 95
22 باب في إلطاف المؤمن وإكرامه 97
23 باب في خدمته 101
24 باب نصيحة المؤمن 101
25 باب الإصلاح بين الناس 103
26 باب في أحياء المؤمن 105
27 باب في الدعاء للأهل إلى الايمان 107
28 باب في ترك دعاء الناس 108
29 باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه 114
30 باب سلامة الدين 115
31 باب التقية 118
32 باب الكتمان 127
33 باب المؤمن وعلاماته وصفاته 137
34 باب في قلة المؤمن 184
35 باب الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شيء بعده 189
36 باب في سكون المؤمن إلى المؤمن 196
37 باب فيما يدفع الله بالمؤمن 197
38 باب في ان المؤمن صنفان 198
39 باب ما اخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به 201
40 باب شدة ابتلاء المؤمن 206
41 باب فضل فقراء المسلمين 221
42 باب 231
43 باب ان للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان 233
44 باب الروح الذي أيد به المؤمن 239
45 باب الذنوب 241
46 باب استصغار الذنب 279
47 باب الإصرار على الذنب 281
48 باب في أصول الكفر وأركانه 283
49 باب الرياء 291
50 باب طلب الرئاسة 300
51 باب اختتال الدنيا بالدين 304
52 باب من وصف عدلا وعمل بغيره 305
53 باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال 306
54 باب الغضب 310
55 باب الحسد 316
56 باب العصبية 321
57 باب الكبر 323
58 باب العجب 332
59 باب حب الدنيا والحرص عليها 337
60 باب الطمع 352
61 باب الخرق 353
62 باب سوء الخلق 354
63 باب السفه 356
64 باب البذاء 358
65 باب من يتقى شره 365
66 باب البغي 367
67 باب الفخر والكبر 369
68 باب القسوة 375
69 باب الظلم 379
70 باب اتباع الهوى 388
71 باب المكر والغدر والخديعة 393
72 باب الكذب 397
73 باب ذي اللسانين 409
74 باب الهجرة 411
75 باب قطعية الرحم 414
76 باب العقوق 418
77 باب الانتفاء 421
78 باب من آذى المسلمين واحتقرهم 421
79 فهرس الآيات 430