وكبريائي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني لا يؤثر عبد هواه على هواي إلا شتت عليه أمره ولبست عليه دنياه وشغلت قلبه بها ولم أوته منها إلا ما قدرت له، وعزتي وجلالي وعظمتي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني لا يؤثر عبد هواي على هواه إلا استحفظته ملائكتي وكفلت السماوات والأرضين رزقه وكنت له من وراء تجارة كل تاجر وأتته الدنيا وهي راغمة.
* الشرح:
قوله (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي وعظمتي وكبريائي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني) أقسم عز وجل تأكيدا لتحقيق مضمون الخطاب المبين وتثبيتا لمفهومه في قلوب السامعين أولا بعزته وهي القوة والغلبة وخلاف الذلة وعدم المثل والنظير، وثانيا بجلاله وهو التنزه من النقائص، والعظمة في القدرة التي تصغر لديها قدرة كل ذي قدرة، وثالثا بعظمته وهي تنصرف إلى عظمة الشأن والقدر التي يذل عندها شأن كل ذي شأن، ورابعا بكبريائه وهي العظمة التي تتأبى من وقوف الأفهام عليها وبلوغ الأوهام إليها، وخامسا بنوره وهو هدايته التي بها يهتدي أهل السماوات والأرضين إليه وإلى صالحهم ومراشدهم كما يهتدي بالنور، وسادسا بعلوه وهو كونه فوق الممكنات بالعلية والايجاد أو تعاليه عن الاتصاف بصفات المخلوقين كما يقول من لا يعتد به من فرق الجاهلين، وسابعا بارتفاع مكانه وهو ارتفاع مرتبته من أن يناله وصف الواصفين، أو يبلغه نعت الناعتين.
(لا يؤثر عبد هواه على هواي) إن كان هوى العبد في الفعل كان هواه تعالى في الترك وبالعكس وقد يكون متعلقهما فعلين.
(إلا شتت عليه أمره) أي فرقت عليه حاله كما تشاهد من أهل الأهواء فإن أحوالهم متفرقة وقلوبهم متشتتة وهم في سبل الضلالة يهيمون وفي طرق الغواية يتيهون.
(ولبست عليه دنياه) أي خلطتها أو أشكلتها عليه حتى يكون مضطربا في طلب المعيشة متحيرا في طريقها. تقول: لبست الأمر لبسا من باب ضرب: إذا خلطته، وفي التنزيل: (وللبسنا عليهم ما يلبسون) والتشديد مبالغة وفي الأمر لبس بالضم ولبسة أيضا أي إشكال، والتبس الأمر:
أشكل (وشغلت قلبه بها) فهو دائما في ذكر منها وفكر لطرق تحصيلها فارغا عن ذكر الآخرة ولذلك قال الله تعالى: (ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله).
(ولم أوته منها إلا ما قدرت له) كما تشهد عليه التجربة فإنك تجد الخلائق كلهم إلا من عصمه الله من أهل الأهواء مشغولين بالدنيا ولا يجدونها كما يطلبونها.
(لا يؤثر عبد هواي على هواه إلا استحفظته ملائكتي) أي طلبت منهم أن يحفظونه من الضياع