شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٩ - الصفحة ٣٩٤
الغدر قد يلتبس بالكيس عند الجهلة (1) كما أشار إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: «ولقد أصبحنا في زمان اتخذ أكثر أهله الغدر كيسا. ونسبهم أهل الجهل إلى حسن الحيلة» قال بعض الأفاضل في تفسير كلامه: وذلك لجهل الفريقين بثمرة الغدر وعدم تمييزهم بينه وبين الكيس فإنه لما كان الغدر هو التفطن بوجه الحيلة، وإيقاعها على المغدور به وكان الكيس هو التفطن بوجه الحيلة والمصالح فيما ينبغي، كانت بينهما مشاركة في التفطن بالحيلة واستخراجها بالآراء إلا أن تفطن الغادر بالحيلة التي غير موافقة للقوانين الشرعية والمصالح الدينية، والكيس هو التفطن بالحيلة الموافقة لهما ولدقة الفرق بينهما يلبس الغادر غدره بالكيس وينسبه الجاهلون إلى حسن الحيلة كما نسب ذلك إلى معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وأضرابهم (2)، ولم يعلموا أن حيلة الغادر تخرجه إلى رذيلة الفجور وأنه لا حسن لحيلة جرت إلى رذيلة. بخلاف حيلة الكيس ومصلحته فإنه يجر إلى العدل.
3 - عنه، عن أبيه، عن النوفلي عن السكوني، عن أبي عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليس منا من ماكر مسلما.

1 - قوله «قد يلتبس بالكيس عند الجهلة» الغدر يشبه الظلم في ملاك قباحته خصوصا في الأمراء والولاة.
وذلك لأن الغدر يسلب الاختيار والنشاط في أفراد الإنسان فلا يتجرأ أحد على إظهار كماله وما أودعه الله فيه من الاستعداد، وقلنا إن الإنسان خلق مختارا والاختيار مقتضى طبعه، وسلب الاختيار عنه بالقسر على خلاف مقتضى طبعه كجعل النبات تحت اناء يمنعه من النمو، والإنسان المسلوب الإرادة لا يفعل شيئا فإن فرض أكثر أفراد البشر عاطلين بسلب الإرادة عنهم لم يتكون جامعة بشرية فإذا خاف الناس كل واحد منهم الآخر ولم يأمن أحد أحدا، ولم يعتمدوا على عهودهم وأقوالهم، واحتمل كل في حق الآخر الغدر والخيانة لم يعمل أحد عملا لغيره أصلا وأمير المؤمنين (عليه السلام) رضى بترك الغدر مع معاوية مع أنه كان قادرا وكان في ذلك حسم مادة فتنته ولم يفعل لأنه رأى في غدره ترخيصا للغدر وإشاعته في الناس واستحسانهم إياه، وفي ذلك فساد عظيم يصغر عنده فساد فتنة معاوية، وامتنع مسلم بن عقيل من الفتك بعبيد الله بن زياد لتلك العلة بعينها.
(ش).
2 - قوله «والمغيرة بن شعبة وأضرابهم» كالمأمون مكر بالرضا (عليه السلام) وغدر حيث استحضره وولاه عهده جهرا ثم قتله (عليه السلام) سرا، وذكرت ذلك في هذا الموضع لأن في مثل هذه الأيام (10 ع 2) اتفقت مصيبة من مصائب مشهده الشريف ألحت على الأحشاء بالزفرات والشيء بالشيء يذكر، لعن الله الظالمين وقطع دابرهم ورضي الله عن شهداء الفتنة، وحشر أرواحهم مع موإليهم وأشركنا معهم في ثواب حزننا لحزن آل محمد صلوات الله عليهم. وبالجملة ليس التهجم على الغافل الغير المستعد للدفاع والتحرز من مذهب أصحاب المروة فكيف بأهل الدين وحكم شارع الاسلام بعدم جواز التعرض للكافر المستأمن إذا توهم غلطا أنه مأمون في دار الاسلام فدخلها بظن الأمن، وللإمام أن يبلغه مأمنه سالما، فكيف يقاس ذلك بعمل من يأمن مسلما صالحا حتى يحضره عنده ويغتاله بعد الأمن. ثم كيف حال من غدر بالإمام الحق. (ش).
(٣٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاستغناء عن الناس 3
2 باب صلة الرحم 6
3 باب البر بالوالدين 19
4 باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم 29
5 باب اجلال الكبير 31
6 باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض 33
7 باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه 38
8 باب في ان التواخي لم يقع على الدين وانما هو التعارف 39
9 باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه 40
10 باب التراحم والتعاطف 51
11 باب زيارة الاخوان 52
12 باب المصافحة 57
13 باب المعانقة 63
14 باب التقبيل 65
15 باب تذاكر الاخوان 67
16 باب ادخال السرور على المؤمنين 71
17 باب قضاء حاجة المؤمن 77
18 باب السعي في حاجة المؤمن 82
19 باب تفريج كرب المؤمن 87
20 باب اطعام المؤمن 89
21 باب من كسا مؤمنا 95
22 باب في إلطاف المؤمن وإكرامه 97
23 باب في خدمته 101
24 باب نصيحة المؤمن 101
25 باب الإصلاح بين الناس 103
26 باب في أحياء المؤمن 105
27 باب في الدعاء للأهل إلى الايمان 107
28 باب في ترك دعاء الناس 108
29 باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه 114
30 باب سلامة الدين 115
31 باب التقية 118
32 باب الكتمان 127
33 باب المؤمن وعلاماته وصفاته 137
34 باب في قلة المؤمن 184
35 باب الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شيء بعده 189
36 باب في سكون المؤمن إلى المؤمن 196
37 باب فيما يدفع الله بالمؤمن 197
38 باب في ان المؤمن صنفان 198
39 باب ما اخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به 201
40 باب شدة ابتلاء المؤمن 206
41 باب فضل فقراء المسلمين 221
42 باب 231
43 باب ان للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان 233
44 باب الروح الذي أيد به المؤمن 239
45 باب الذنوب 241
46 باب استصغار الذنب 279
47 باب الإصرار على الذنب 281
48 باب في أصول الكفر وأركانه 283
49 باب الرياء 291
50 باب طلب الرئاسة 300
51 باب اختتال الدنيا بالدين 304
52 باب من وصف عدلا وعمل بغيره 305
53 باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال 306
54 باب الغضب 310
55 باب الحسد 316
56 باب العصبية 321
57 باب الكبر 323
58 باب العجب 332
59 باب حب الدنيا والحرص عليها 337
60 باب الطمع 352
61 باب الخرق 353
62 باب سوء الخلق 354
63 باب السفه 356
64 باب البذاء 358
65 باب من يتقى شره 365
66 باب البغي 367
67 باب الفخر والكبر 369
68 باب القسوة 375
69 باب الظلم 379
70 باب اتباع الهوى 388
71 باب المكر والغدر والخديعة 393
72 باب الكذب 397
73 باب ذي اللسانين 409
74 باب الهجرة 411
75 باب قطعية الرحم 414
76 باب العقوق 418
77 باب الانتفاء 421
78 باب من آذى المسلمين واحتقرهم 421
79 فهرس الآيات 430