المنقلب.
(قال: كيف كانت عاقبة أمركم؟ قال بتنا ليلة في عافية وأصبحنا في الهاوية، فقال: وما الهاوية؟
فقال سجين، قال: ما سجين؟ قال: جبال من جمر توقد علينا إلى يوم القيامة) قال الشيخ ما تضمنه هذا الحديث من كون أهل تلك القرية في جبال جمر توقد عليهم إلى يوم القيامة صريح في وقوع العذاب في مدة البرزخ أعني ما بين الموت والبعث وقد انعقد عليه الإجماع ونطقت به الأخبار ودل عليه القرآن العزيز وقال به أكثر الملل وإن وقع الاختلاف في تفاصيله، والذي يجب علينا هو التصديق المجمل بعذاب واقع بعد الموت وقبل الحشر في الجملة. وأما كيفياته وتفاصيله فلم نكلف بمعرفتها على التفصيل وأكثره مما لا تسعه عقولنا (1) فينبغي ترك البحث والفحص عن تلك التفاصيل وصرف الوقت فيما هو أهم أعني فيما يصرف ذلك العذاب ويرفعه عنا كيف ما كان وعلى أي نوع حصل، وهو المواظبة على الطاعات واجتناب المنهيات لئلا يكون حالنا في الفحص عن ذلك والاشتغال به عن الفكر فيما يدفعه وينجي منه كحال شخص أخذه السلطان وحبسه ليقطع في غد يده وجدع أنفه فترك الفكر في الحيل المؤدية إلى خلاصه وبقي طول ليله متفكرا في أنه هل يقطع بالسكين أو بالسيف وهل القاطع زيد أو عمرو (قيل لنا كذبتم) دل على أنهم لو ردوا لعادوا كما نطقت به الآية.
(وإني كنت فيهم ولم أكن منهم فلما نزل العذاب عمني معهم) قال الشيخ: هذا يشعر بأنه ينبغي المهاجرة عن أهل المعاصي وأن المقيم معهم شريك لهم في العذاب ومحترق بنارهم وإن لم يشاركهم في أفعالهم وأقوالهم.
(فأنا معلق بشعرة على شفير جهنم) قال الشيخ: هذا كناية عن أنه مشرف على الوقوع فيها ولا يبعد أن يراد معناه الصريح أيضا. والشفير: حافة الشيء وجانبه.