شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٩ - الصفحة ٣٤٦
المفرد والجمع.
قال الشيخ (رحمه الله): لعلك تظن أن ما تضمنه هذا الحديث من أن الطاعة لأهل المعاصي عبادة لهم جار على ضرب من التجوز لا الحقيقة، وليس كذلك بل هو حقيقة فإن العبادة ليست إلا الخضوع والتذلل والطاعة والانقياد، ولهذا جعل سبحانه اتباع الهوى والانقياد عبادة للهوى فقال تعالى:
(أفرأيت من اتخذ إله هواه) وجعل طاعة الشيطان عبادة له فقال: (ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدو الشيطان) وذكر بعض الروايات الدالة عليه ثم قال: وإذا كان اتباع الغير والانقياد إليه عبادة له فأكثر الخلق عند التحقيق مقيمون على عبادة أهواء نفوسهم الخسيسة الدنية وشهواتهم البهيمية والسبعية على كثرة أنواعها واختلاف أجناسها وهي أصنامهم التي عليها عاكفون والأنداد التي هم لها من دون الله عابدون، وهذا هو الشرك الخفي نسأل الله سبحانه أن يعصمنا عنه ويطهر نفوسنا بمنه وكرمه.
(وحب الدنيا) هو منبع جميع الرذائل من الأعمال والأخلاق وهو نار في جوهر النفس تحرق جميع الخيرات ويظهر أثرها كما هو بعد الفراق من الدنيا.
(مع خوف قليل وأمل بعيد) طول الأمل من أشد الخصال المذمومة فإنه يورث القساوة ويعمي البصيرة وينسي الآخرة ويزيد الشوق إلى الدنيا والفرح بحصولها.
(وغفلة في لهو ولعب) عطف على خوف، وعطفه على عبادة الطاغوت بعيد. واللهو «بازى كردن وزن وفرزند وباطل وچيزى كه از عمل خير باز دارد». واللعب بفتح اللام وكسر العين «بازى كردن» وبفتحها «بازى كردن» ويمكن تخصيص الأول بالطبل والقمار ونحوها وتخصيص الثاني بغير ذلك والغفلة سبب لهما وهما سببان لثباتها ورسوخها في جوهر النفس. قال الشيخ: «في» إما للظرفية المجازية كما في نحو «النجاة في الصدق» أو بمعنى «مع» كما في قوله تعالى: (ادخلوا في أمم) أو للسببية كقوله تعالى (فذلكن الذي لمتنني فيه).
(قال: كحب الصبي لأمه إذا أقبلت علينا فرحنا وسررنا وإذا أدبرت علينا بكينا وحزنا) قال الشيخ: الشرطيتان واقعتان موضع أي المفسرة لحب الصبي وأمه.
(قال: الطاعة لأهل المعاصي) سمي الطاعة لهم والانقياد لحكمهم والاتباع لأمرهم ونهيهم عبادة لأنه ظهر له بعد الموت أن طاعة أهل المعاصي عبادة لهم حقيقة. قال الشيخ: ما ذكره هذا الرجل المتكلم لعيسى على نبينا وعليه السلام في وصف أصحاب تلك القرية وما كانوا عليه من الخوف القليل والأمل البعيد والغفلة واللهو واللعب والفرح بإقبال الدنيا والحزن بإدبارها هو بعينه حالنا وحال أهل زماننا بل أكثرهم خال عن ذلك الخوف القليل أيضا نعوذ بالله من الغفلة وسوء
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاستغناء عن الناس 3
2 باب صلة الرحم 6
3 باب البر بالوالدين 19
4 باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم 29
5 باب اجلال الكبير 31
6 باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض 33
7 باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه 38
8 باب في ان التواخي لم يقع على الدين وانما هو التعارف 39
9 باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه 40
10 باب التراحم والتعاطف 51
11 باب زيارة الاخوان 52
12 باب المصافحة 57
13 باب المعانقة 63
14 باب التقبيل 65
15 باب تذاكر الاخوان 67
16 باب ادخال السرور على المؤمنين 71
17 باب قضاء حاجة المؤمن 77
18 باب السعي في حاجة المؤمن 82
19 باب تفريج كرب المؤمن 87
20 باب اطعام المؤمن 89
21 باب من كسا مؤمنا 95
22 باب في إلطاف المؤمن وإكرامه 97
23 باب في خدمته 101
24 باب نصيحة المؤمن 101
25 باب الإصلاح بين الناس 103
26 باب في أحياء المؤمن 105
27 باب في الدعاء للأهل إلى الايمان 107
28 باب في ترك دعاء الناس 108
29 باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه 114
30 باب سلامة الدين 115
31 باب التقية 118
32 باب الكتمان 127
33 باب المؤمن وعلاماته وصفاته 137
34 باب في قلة المؤمن 184
35 باب الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شيء بعده 189
36 باب في سكون المؤمن إلى المؤمن 196
37 باب فيما يدفع الله بالمؤمن 197
38 باب في ان المؤمن صنفان 198
39 باب ما اخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به 201
40 باب شدة ابتلاء المؤمن 206
41 باب فضل فقراء المسلمين 221
42 باب 231
43 باب ان للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان 233
44 باب الروح الذي أيد به المؤمن 239
45 باب الذنوب 241
46 باب استصغار الذنب 279
47 باب الإصرار على الذنب 281
48 باب في أصول الكفر وأركانه 283
49 باب الرياء 291
50 باب طلب الرئاسة 300
51 باب اختتال الدنيا بالدين 304
52 باب من وصف عدلا وعمل بغيره 305
53 باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال 306
54 باب الغضب 310
55 باب الحسد 316
56 باب العصبية 321
57 باب الكبر 323
58 باب العجب 332
59 باب حب الدنيا والحرص عليها 337
60 باب الطمع 352
61 باب الخرق 353
62 باب سوء الخلق 354
63 باب السفه 356
64 باب البذاء 358
65 باب من يتقى شره 365
66 باب البغي 367
67 باب الفخر والكبر 369
68 باب القسوة 375
69 باب الظلم 379
70 باب اتباع الهوى 388
71 باب المكر والغدر والخديعة 393
72 باب الكذب 397
73 باب ذي اللسانين 409
74 باب الهجرة 411
75 باب قطعية الرحم 414
76 باب العقوق 418
77 باب الانتفاء 421
78 باب من آذى المسلمين واحتقرهم 421
79 فهرس الآيات 430