(لا أدري أكبكب فيها) على صيغة المبني للمفعول أي أطرح على وجهي.
(أكل الخبز اليابس بالملح الجريش) أي الذي لم ينعم دقه، تقول: جرشت الشيء إذا لم تنعم دقه فهو جريش.
12 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
ما فتح الله على عبد بابا من أمر الدنيا إلا فتح الله عليه من الحرص مثله.
* الشرح:
قوله (ما فتح الله على عبد بابا من أمر الدنيا إلا فتح الله عليه من الحرص مثله) دل على أن أهل الدنيا لا يشبعون منها بل لو أعطى كل واحد مثل الدنيا مرة طلبها مرتين لأن طلبها على قدر الحرص دون الحاجة ومراتب الحرص غير محصورة.
13 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال عيسى بن مريم صلوات الله عليه: تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بالعمل، ويلكم علماء سوء، الأجر تأخذون، والعمل تضيعون، يوشك رب العمل أن يقبل عمله ويوشك أن يخرجوا من ضيق الدنيا إلى ظلمة القبر، كيف يكون من أهل العلم من هو في مسيرة إلى آخرته وهو مقبل على دنياه وما يضره أحب إليه مما ينفعه.
* الشرح:
قوله (قال عيسى بن مريم صلوات الله عليه تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بالعمل) قال الله تعالى لأهل الدنيا: (وما من دابة إلا على الله رزقها) ولأهل الآخرة: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) فطلب العمل للدنيا مع أنها تنال بدونه وترك العمل للآخرة مع أنها لا تنال إلا به دل على نقص الإيمان وأنه مجرد التقول باللسان.
قال بعض العارفين لرجل: كيف طلبك للدنيا؟ قال: شديد. فقال هل أدركت ما تريد؟ قال: لا. قال:
فهذه التي تطلبها شديدا لم تدرك منها ما تريد فكيف بالتي لم تطلبها.
(ويلكم علماء سوء، الأجر تأخذون. والعمل تضيعون) خاطب علماء الدين بالنداء وذمهم بترك العمل بعلومهم وتوقع الأجر إنكارا لذلك وحثهم على العمل بقوله: (يوشك رب العمل أن يقبل عمله) إن خيرا فخير وإن شرا فشر، وفيه إشارة إلى ما يرد عليه بعد الموت من الصور الحسنة والقبيحة من جهة الأعمال فهو إما في راحة روحانية أو في عقوبة نفسانية إلى يوم البعث ثم يرجع إلى جنة عالية أو إلى نار حامية.