السفيه إليه، والاحتذاء: الاقتداء. وفيه زجر عن مكافأة السفيه بالسفه وترغيب في تركها كما هو شأن الكرام، قال الله تعالى في وصفهم: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) وقال: (وإذا مروا باللغو مروا كراما).
3 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) في رجلين يتسابان فقال: البادي منهما أظلم ووزره ووزر صاحبه عليه ما لم يتعد المظلوم.
* الشرح:
قوله (عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) في رجلين يتسابان فقال: البادي منهما أظلم ووزره ووزر صاحبه عليه ما لم يتعد المظلوم) مثله ما رواه مسلم عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال «المستبان ما قالا فعلى البادي ما لم يعتد المظلوم» يعني إثم سباب المتسابين على البادي أما إثم ابتدائه فلأن السب حرام وفسق لحديث «سباب المؤمن فسق وقتاله كفر» وأما إثم سب الراد فلان البادي هو الحامل له على الرد وإن كان منتصرا فلا إثم على المنتصر لقوله تعالى (ولمن انتصر بعد ظلمه) الآية. لكن الصادر منه هو سب مترتب عليه الإثم إلا أن الشرع أسقط منه المؤاخذة وجعلها على البادي للعلة المتقدمة، وانما أسقطها عنها ما لم يتعد أي يتجاوز فإنه إن تعدى كان هو البادي في القدر الزائد والتعدي في الرد قد يكون بالتكرار مثل أن يقول البادي يا كلب فيرد عليه مرتين.
وقد يكون بالأفحش كما لو قال له يا سنور فيقول في الرد يا كلب، وإنما كان هذا تعديا لأن الرد بمنزلة القصاص والقصاص انما يكون بالمثل، ثم الراد أسقط حقه على البادي ويبقى على البادي حق الله تعالى لقدومه على ذلك ولا يبعد تخصيص تحمل البادي إثم الراد بما إذا لم يكن الرد كذبا أو الأول قذفا فإنه إذا كان الرد كذبا مثل أن يقول البادي: يا سارق وهو سارق فيقول الراد: بل أنت سارق وهو كاذب أو يكون الأول قذفا مثل أن يقول يا زاني فيقول الراد بل أنت الزاني، فالظاهر أن إثم الرد على الراد وبالجملة انما يكون الانتصار إذا كان السب مما تعارف السب به عند التأديب كالأحمق والجاهل والظالم وأمثالها فأمثال هذه إذا رد بها لا إثم على الراد ويعود إثمه على البادي، والله أعلم.
4 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن صفوان، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن أبغض خلق الله عبد اتقى الناس لسانه.
* الشرح:
قوله (إن أبغض خلق الله عبد اتقى الناس لسانه) ذكر هذا الحديث في باب «من يتقى شره» أنسب ولعل ذكره في هذا الباب باعتبار أنه مبدأه السفه.