منافعها ومضارها جعلت اختبارا وامتحانا للخلق سبحانه، كما ابتلى بعضهم بالفقر اختبارا لصبره على المكاره وغيره، كذلك اختبر بعضهم بالغني امتحانا لشكره وصبره على ما يثقل عليه من رعاية حال الفقراء بشيء من أمواله، وقوله:
(ولولا الفقراء لم يستوجب الأغنياء الجنة) إشارة إلى كثرة مفاسد الغنى وإلى أن نجاة الأغنياء منحصرة في رعاية أحوال الفقراء الذين هم عيال الله وعيال رسوله والتفاتهم إلى تدارك ما يحتاجون إليه ببذل شيء من أموالهم وسد خلتهم ورفع حاجتهم.
21 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن إسحاق بن عيسى، عن إسحاق ابن عمار والمفضل بن عمر قالا: قال أبو عبد الله (عليه السلام): مياسير شيعتنا امناؤنا على محاويجهم، فاحفظونا فيهم يحفظكم الله.
* الشرح:
قوله (مياسير شيعتنا أمناؤنا على محاويجهم) المفعال يجمع على مفاعيل كالمثقال على مثاقيل (فاحفظونا فيهم يحفظكم الله) أي يحفظكم الله في أموالكم وأنفسكم فدل على أن الأغنياء لو لم يراعوا حال الفقراء سلبت منهم النعمة لأنه إذا ظهرت الخيانة من المؤتمن استحق أن يؤخذ ما في يده. يرشد إليه قول أمير المؤمنين (عليه السلام) «إن لله تعالى عبادا يختصهم بالنعم لمنافع العباد فيقرها في أيديهم ما بذلوها فإذا منعوها نزعها ثم حولها إلى غيرهم»، أقول: فاللائق بحال ذي القدرة أن يشتري درجات الجنة وصحته وبقاء ثروته بمواساة ذوي الحاجات، ويحتمل أن يكون «يحفظكم الله» جملة دعائية.
22 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الفقر أزين للمؤمن من العذار على خد الفرس.
* الشرح:
قوله (الفقر أزين للمؤمن من العذار على خد الفرس) أي في الحسن أو الحفظ والمنع لأن الفقر يحفظ النفس من الطغيان كما أن العذار يمنع الفرس من العصيان، والعذار بالكسر من الفرس كالعارض من وجه الإنسان، ثم سمى السير الذي على خده من اللجام عذارا باسم موضعه، وفي المهذب: العذار سر أفسار والعذاران «دوال از دو سوى روى أسب».
23 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب قال، سألت علي بن الحسين (عليهما السلام) عن قول الله عز وجل: (ولولا أن يكون الناس امة واحدة) قال: عنى بذلك امة محمد (صلى الله عليه وآله) أن يكونوا على دين واحد كفارا كلهم (لجعلنا لمن