شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٩ - الصفحة ٢٠٢
حكى عنه الكتاب الكريم (لأقعدن لهم صراطك المستقيم) وهو كناية عن جذبهم من طريق الحق إلى الطريق الباطل.
(أو كافر يرى جهاده) لازما فيجاهده ويضره من كل وجه يمكنه (فما بقاء المؤمن بعد هذا) ولهذا قل أهل الايمان. والمقصود من الحديث أن المؤمن لا يكون إلا ومعه هذه البلايا كلها أو بعضها، فلا ينافي الترديد الدال على منع الخلو، وأيسرها صفة لبلايا أربع وفيه إشعار بأن للمؤمن بلايا أخر أشد منها، وفي بعض النسخ: «أشدها» بدل «أيسرها» فيفيد أن هذه الأربع أشد بلاياه. وقوله «مؤمن» خبر مبتدأ محذوف أي هي مؤمن، وربما يزعم أن «أيسرها» مبتدأ و «مؤمن» خبره، وأن أشدها أولى من أيسرها لئلا ينافي قوله (عليه السلام) فيما بعد: ومؤمن يحسده وهو أشدهم عليه، وفيه أن أيسرها أو أشدها صفة لما تقدم فلا يتم ما ذكر، وكون هذه الأربع أيسر من غيرها لا ينافي أن يكون بعضها أشد من بعضها ولو جعل مبتدأ كما زعم لزم أن لا يكون المؤمن الحاسد أشد من المنافق وما بعده، وهو مناف لما يأتي، فليتأمل.
3 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما أفلت المؤمن من واحدة من ثلاث ولربما اجتمعت الثلاثة عليه، إما بغض من يكون معه في الدار يغلق عليه بابه يؤذيه، أو جار يؤذيه أو من في طريقه إلى حوائجه يؤذيه، ولو أن مؤمنا على قلة جبل لبعث الله عز وجل شيطانا يؤذيه، ويجعل الله له من إيمانه انسا لا يستوحش معه إلى أحد.
* الشرح:
قوله (ما أفلت المؤمن من واحدة من ثلاث ولربما اجتمعت الثلاثة عليه إما بغض من يكون معه في الدار يغلق عليه بابه يؤذيه) أفلت إفلاتا إذا تخلص وأفلته إذا خلصه لازم ومتعد، وهنا لازم، ومن لطف الله بعباده أنه إذا أحب عبدا صب عليه البلاء صبا، ومن جملته أن يسلط عليه بعضا من شرار خلقه يؤذيه، ويتفاوت ذلك بحسب تفاوت الدرجات والمقامات كما يرشد إليه إيذاء الأمة للأنبياء والأوصياء والأولياء من لدن آدم (عليه السلام) إلى الآن، وقوله (صلى الله عليه وآله) «ما أوذى أحد في الله ما أوذيت» وقد ذكروا لذلك وجوها من الحكمة منها أنه لكفارة ذنوبه، ومنها أنه لاختبار صبره وإدراجه في الصابرين، ومنها أنه لتزهيده في الدنيا وتبريدها في قلبه لئلا يفتتن بها ولا يطمئن إليها فلا يشق عليه الخروج منها، ومنها لإضعاف نفسه عن الصفات البشرية والقطع عنها مواد العلائق الجسمانية لينقطع علاقته بدنياه ويرجع بكله إلى مولاه ويألف الإقبال عليه في السراء ويستديم المثول بين يديه في الضراء إلى أن يرتقى بذلك إلى أعلى درجة الأحباب والأولياء. ومنها لتنفيره بذلك عن مصاحبتهم، وايحاشه منهم بواسطة أذيتهم ليؤنسه بحضرة ربوبيته ويقتطعه إليه عن بريته، ومنها
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاستغناء عن الناس 3
2 باب صلة الرحم 6
3 باب البر بالوالدين 19
4 باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم 29
5 باب اجلال الكبير 31
6 باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض 33
7 باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه 38
8 باب في ان التواخي لم يقع على الدين وانما هو التعارف 39
9 باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه 40
10 باب التراحم والتعاطف 51
11 باب زيارة الاخوان 52
12 باب المصافحة 57
13 باب المعانقة 63
14 باب التقبيل 65
15 باب تذاكر الاخوان 67
16 باب ادخال السرور على المؤمنين 71
17 باب قضاء حاجة المؤمن 77
18 باب السعي في حاجة المؤمن 82
19 باب تفريج كرب المؤمن 87
20 باب اطعام المؤمن 89
21 باب من كسا مؤمنا 95
22 باب في إلطاف المؤمن وإكرامه 97
23 باب في خدمته 101
24 باب نصيحة المؤمن 101
25 باب الإصلاح بين الناس 103
26 باب في أحياء المؤمن 105
27 باب في الدعاء للأهل إلى الايمان 107
28 باب في ترك دعاء الناس 108
29 باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه 114
30 باب سلامة الدين 115
31 باب التقية 118
32 باب الكتمان 127
33 باب المؤمن وعلاماته وصفاته 137
34 باب في قلة المؤمن 184
35 باب الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شيء بعده 189
36 باب في سكون المؤمن إلى المؤمن 196
37 باب فيما يدفع الله بالمؤمن 197
38 باب في ان المؤمن صنفان 198
39 باب ما اخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به 201
40 باب شدة ابتلاء المؤمن 206
41 باب فضل فقراء المسلمين 221
42 باب 231
43 باب ان للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان 233
44 باب الروح الذي أيد به المؤمن 239
45 باب الذنوب 241
46 باب استصغار الذنب 279
47 باب الإصرار على الذنب 281
48 باب في أصول الكفر وأركانه 283
49 باب الرياء 291
50 باب طلب الرئاسة 300
51 باب اختتال الدنيا بالدين 304
52 باب من وصف عدلا وعمل بغيره 305
53 باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال 306
54 باب الغضب 310
55 باب الحسد 316
56 باب العصبية 321
57 باب الكبر 323
58 باب العجب 332
59 باب حب الدنيا والحرص عليها 337
60 باب الطمع 352
61 باب الخرق 353
62 باب سوء الخلق 354
63 باب السفه 356
64 باب البذاء 358
65 باب من يتقى شره 365
66 باب البغي 367
67 باب الفخر والكبر 369
68 باب القسوة 375
69 باب الظلم 379
70 باب اتباع الهوى 388
71 باب المكر والغدر والخديعة 393
72 باب الكذب 397
73 باب ذي اللسانين 409
74 باب الهجرة 411
75 باب قطعية الرحم 414
76 باب العقوق 418
77 باب الانتفاء 421
78 باب من آذى المسلمين واحتقرهم 421
79 فهرس الآيات 430