الطاعات وأن لا يجزع على فقد غيرها وأن يصبر على نوائب الدنيا وأن لا يؤذي أحدا من المؤمنين. لأن المؤمن حبيب الله ومن آذاه فقد آذى الله.
(ولجعلت له من إيمانه أنسا لا يحتاج إلى أحد) لأن الايمان بالله سبب للتفكر فيه والالتفات إلى فضله والشوق إلى قربه والوثوق بلطفه والعزلة عن شرار خلقه والانس به. فلا يعرضه وحشة فلا يحتاج إلى صحبة أحد لدفع الوحشة.
3 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الحسين بن موسى، عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما يبالي من عرفه الله هذا الأمر أن يكون على قلة جبل يأكل من نبات الأرض حتى يأتيه الموت.
* الشرح:
قوله (ما يبالي من عرفه الله هذا الأمر أن يكون على قلة جبل) لأن من عرفه الله تعالى أمر الإمامة والدين ووفقه للايمان به فقد أعطاه نعمة عظيمة مستعقبة لنعم أخروية أبدية وأكرمه بقربه فلا يبالي على فوات خسايس الدنيا الفانية التي توجب الغرور والبعد عن مولاه والحرمان في عقباه.
4 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن كليب بن معاوية عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: ما ينبغي للمؤمن أن يستوحش إلى أخيه فمن دونه، المؤمن عزيز في دينه.
* الشرح:
قوله (ما ينبغي للمؤمن أن يستوحش إلى أخيه فمن دونه) أي ما ينبغي له أن يستوحش من الله ومن الايمان به إلى أخيه فكيف من دونه إذ للمؤمن أنس بالايمان وقرب الحق من غير وحشة. فلو انتفى الأنس وتحققت الوحشة انتفى الإيمان والقرب، ولعل قوله: (المؤمن عزيز في دينه) استيناف لبيان السبب للحكم المذكور لأن العزيز عند الله له أنس به غير مستوحش عنه والعزيز هو الخطير الذي يقل وجود مثله ويشتد الحاجة إليه ويصعب الوصول إليه والمؤمن كذلك. لأنه بعظمة صفاته يقل وجود مثله ويشتد حاجة الخلق إليه في أمور الدين وتعلمها ويصعب الوصول إلى مرتبته لأنها لا يتحقق إلا برياضات بدنية ومجاهدات نفسانية لا يلقاها إلا الصابرون.
5 - عنه، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن فضالة بن أيوب، عن عمر بن أبان وسيف بن عميرة، عن فضيل بن يسار قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) في مرضة مرضها لم يبق منه إلا رأسه فقال: يا فضيل إنني كثيرا ما أقول: ما على رجل عرفه الله هذا الأمر لو كان في رأس جبل حتى يأتيه الموت، يا فضيل بن يسار إن الناس أخذوا يمينا وشمالا وإنا وشيعتنا هدينا