وبكفايته عز وجل: إعانته ونصرته عليه، والمراد بمقابله هم الدنيا وأهواء النفس الأمارة بالسوء وبعدم مبالاته صرف لطفه وتوفيقه عنه وتركه مع نفسه والمراد بكل واد كل واد من أودية جهنم أو كل واد من أودية الدنيا وكل شعبة من شعب النفس وهواها وهي كثيرة منها حب المال والجاه والشرف والعلو ولين المطاعم والمشارب والملابس والمناكح إلى غير ذلك من متعلقات الهوى ومقتضيات الطبع، فمن أرسل نفسه إلى هواها ولم يصرفها عن مقتضاها إلى دين الحق والايمان وأركانه لم يبال الله به وبما ذهب من دينه ولم يمدده بنصره وتوفيقه ولم يكن له عنده قدر يحفظه بتأييده ولا وزن يحرسه بتسديده. ولم يبال به في أي واد هلك ولا في أي طريق سلك ويمكن أن يراد بالهم الواحد القصد إلى الله والتوكل عليه في جميع الأمور فإنه تعالى يكفيه هم الدنيا والآخرة.
بخلاف من كان قصده الدنيا وسلب عن نفسه علاقة التوكل فإنه تعالى لم يبال بأي واد هلك، ويؤيده ما روى من جعل الهم هما واحدا كفاه الله هم الدنيا والآخرة.
6 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن منصور الصيقل والمعلى بن خنيس قالا: سمعنا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله عز وجل:
ما ترددت في شيء أنا فاعله كترددي في موت عبدي المؤمن، إنني لاحب لقاءه ويكره الموت، فأصرفه عنه وإنه ليدعوني فاجيبه وإنه ليسألني فاعطيه، ولو لم يكن في الدنيا إلا واحد من عبيدي مؤمن لاستغنيت به عن جميع خلقي ولجعلت له من إيمانه انسا لا يستوحش إلى أحد.
* الشرح:
قوله (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال الله عز وجل ما ترددت في شيء أنا فاعله كترددي في موت عبدي المؤمن، إنني لأحب لقاءه ويكره الموت فأصرفه عنه) هذا الحديث من الأحاديث المشهورة بين الخاصة والعامة، ومن المعلوم عند الموحد أنه لم يرد التردد المعهود من الخلق في الأمور التي يقصدونها فيترددون في إمضائها إما لجهلهم بعواقبها أو لقلة ثقتهم بالتمكن منها لمانع ونحوه، ولهذا قال أنا فاعله أي لا محالة أنا أفعله لحتم القضاء بفعله ولنقل العبد من دار الغرور إلى دار السرور التي هي غاية مأموله ونهاية مقصوده، فلابد فيه من تأويل، وفيه وجوه عند الخاصة والعامة. أما وجوهه عند الخاصة فثلاثة ذكرها الشيخ في الأربعين:
الأول أن في الكلام إضمارا والتقدير: لو جاز علي التردد ما ترددت في شيء كترددي في وفاة المؤمن.