إشارة إلى السعي في طلب زيادة العلم والمبالغة في تنزيه الظاهر والباطن عن الأعمال والأخلاق القبيحة. والعمل الخالص للخالق موقوف عليهما. فلذلك ذكره بعدهما. ثم الخوف والرجاء إنما يعتبران بعد العمل لأنهما بدونه من أثر الحماقة كما مر، ولذا أخرهما والخوف بعد العمل منشؤه جواز التقصير فيه وإمكان عدم قبوله.
10 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن شيعة علي كانوا خمص البطون، ذبل الشفاه، أهل رأفة وعلم وحلم، يعرفون بالرهبانية، فأعينوا على ما أنتم عليه بالورع والاجتهاد.
* الشرح:
قوله (إن شيعة علي (عليه السلام) كانوا خمص البطون وذبل الشفاه) شيعة الرجل بالكسر: أتباعه وأنصاره، ويقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث وقد غلب هذا الاسم على كل من يتولى عليا (عليه السلام) وأهل بيته حتى صار اسما لهم خاصا. والخمص بالفتح والسكون «لا غر وگرسنه شدن». يقال خمص البطن مثلثة الميم خمصا إذا خلا وجاع، والخمص والخامص والخميص «مرد لاغر وگرسنه»، والذبل كذلك «خشك شدن لب وبدن ومانند آن» والذبل والذابل مرد خشك لب وبدن، وهما هنا إما مصدران والحمل للمبالغة، أو صفتان، والإفراد لإسنادهما إلى الظاهر، وأما قراءة خمص بضمتين جمع خميص كرغف جمع رغيف وقراءة ذبل بالضم وفتح الباء المشددة جمع ذابل كطلب جمع طالب فبعيدة. والشفاه جمع شفة بالفتح وقد يكسر وشفتا الإنسان طبقتا فمه، وذلك منهم لما علموا من أن في البطنة زوال الفطنة وفوات الرقة وحدوث القسوة والكسل عن العمل وصرف العمر في تحصيل الزائد ويمكن أن يكون كناية عن كثرة صيامهم.
11 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن صفوان الجمال، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنما المؤمن الذي إذا غضب لم يخرجه غضبه من حق وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل وإذا قدر لم يأخذ أكثر مما له.
* الشرح:
قوله (إنما المؤمن الذي إذا غضب لم يخرجه غضبه من حق وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل) أي إذا غضب على أحد لم يتجاوز عما يجوز له من حقه وإذا رضي عن أحد لم يدخله رضاه في باطل بالحماية عنه، أو إعطائه ما لا يستحقه أو منع الغير عما يستحقه عليه كما يفعله قضاة السوء وحكام الجور، والمؤمن لا يأثم بشيء من ذلك مع قيام الداعي وهو الغضب والرضا بل يكون على فضيلة العدل في الكل على سواء.