كلهم أحلى من الماء البارد في مذاق العطشان ويتضمن هذا تشبيه بالماء في ميل الطبع والالتذاذ والوجه في الماء أجلى وأظهر وفي العدل أتم وأكمل كما يشعر به اسم التفضيل (ما أوسع العدل) كأنه تعجب في سعته باعتبار تعلقه بكل أمر من الأمور الظاهرة والباطنة غير مختص ببعض دون بعض كالعقائد أو الأقوال مثلا أو في شرفه وسعة نفعه لأنه إذا وقع العدل في الناس تنزل السماء رزقها وتخرج الأرض بركتها ويتم نظام العالم، وذلك (إذا عدل فيه) أي في العدل إذ لو جار فيه بتعلقه بأفعال بعض الجوارح والأعضاء دون بعض لم تتحقق سعته بأحد المعنيين المذكورين (وإن قال) أي العدل ووجه قلته أنه يتوفق على الكمال النفس الناطقة بالعلم والحكمة وكمال القوة الغضبية بالشجاعة وكمال القوة الشهوية بالعفة.
وبالجملة على استقامة القوى الظاهرة والباطنة حتى يكون جميع الأفعال والأعمال على وفق العقل والشرع، ومن البين أن الاتصاف بهذه الخصال على وجه الكمال لكونه في غاية الصعوبة والإشكال ليس إلا لواحد بعد وأحد هذا الذي ذكرنا في * الشرح هذا الحديث من باب الاحتمال والله أعلم بحقيقة الحال.
* الأصل 12 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أنصف الناس من نفسه رضي به حكما لغيره.
* الشرح قوله: (من أنصف الناس من نفسه رضى به حكما لغيره) الظاهر أن رضى على صيغة المجهول أي رضى الله تعالى أو كل عاقل أن يكون هو حاكما لغيره يحكم بين الخلق لأن بناء الحكم على الإنصاف والعدل، وفيه حث على الاتصاف به لأن السياسة البدنية والرئاسة المدنية متوقفة عليه ومفهومه أن غير المتصف به لا يصلح للحكومة.
* الأصل 13 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن يوسف بن عمران بن ميثم، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أوحى الله عز وجل إلى آدم (عليه السلام) إني سأجمع لك الكلام في أربع كلمات، قال: يا رب وما هن؟ قال: واحدة لي وواحدة لك وواحدة فيما بيني وبينك وواحدة فيما بينك وبين الناس قال: يا رب بينهن لي حتى أعلمهن، قال: أما التي لي فتعبدني، لا تشرك بي شيئا، وأما التي لك فأجزيك بعملك أحوج ما تكون إليه وأما التي بيني وبينك فعليك الدعاء وعلي الإجابة، وأما التي بينك وبين الناس فترضى للناس ما ترضى لنفسك وتكره ما