شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٤٢٩
وحافظته، وهذه كلها غير التعقل ومعنى قوله (لكيلا يعلم بعد علم شيئا يؤول على هذا.
الخامس: أن عدم كون الإدراك من صفات الجسم بديهي والتشكيك فيه يساوق التشكيك في سائر الأمور البديهية وكيف يمكن أن يدرك جسم الصور الحالة فيه ولو كان حلول صورة ما في الدماغ إدراكا للدماغ فلم لا يدرك الجدار النقش الحاصل فيه، فإن قيل هذا المزاج خاص للدماغ ولتركيبه من عناصر خاصة ليست موجودة في الجدار، قلنا فلم لا يدرك الدماغ الملاسة والخشونة والشكل والحفر وسائر ما حل في أجزائه من الإعراض والصفات وما الفرق بين الصورة المعقولة والعلوم الحاصلة في الدماغ وبين سائر صفات نفسه كالشكل والملاسة وكلاهما حالة جسمانية عارضة لجسم الدماغ والإدراك عندكم عبارة عن حلول الصورة في جسم له هذا المزاج والتركيب ولا مناص عن ذلك إلا بأن يلتزم بأن الإدراك ليس حلول حالة جسمانية في جسم بل شيء آخر من غير سنخ حلول عوارض الأجسام.
وقال الشيخ: لو كان العقل في دماغ لكان العقل أما دائم التعقل للدماغ وأما أن لا يتعقله أصلا، ونعم ما قال وهذا الوجه الخامس هو الحجة القاطعة. وقد مر في الصفحة 356 و 311 وغيرهما ما يؤكد المقصود وقد علمنا من تتبع ما يسمى في علم الأخلاق رذائل ومهلكات أنها جميعا تنسب إلى الغرائز الطبيعية المعلومة للقوة الواهمة كالشهوة والغضب والبعض والحسد فالسعادة كل السعادة في إخضاع الوهم وقهره حتى لا يسترسل في الشهوات ويتبع العقل ولا يمنعه من كسب الفضائل وقد ظهر من ذلك أن الوهم وما يتفرغ عليه ليس العالم الروحاني والتجرد في شيء ولاحظ له من القدس أصلا، والعجب أن الغزالي مع تبحره في هذا العلم نقض قول الحكماء في تجرد العاقلة بان الوهم أيضا لا ينقسم مدركاته فإن معنى الحسد والغضب والشهوة وأمثالها لا اجزاء مقدارية لها فلا ينقسم كمعنى الإنسان والحيوان فليست جسمانية وهذا عجيب من مثله لأن معنى الحسد والغضب وأمثالها كلى لا يدركه الحيوان البتة وهو مجرد من جهة كونه معقولا حاصلا للقوة والعاقلة وإنما الحاصل للحيوان مصاديق هذه المعاني فإذا رأت الشاة ذئبا عرضت في بدنها حالة تبعثها على الفرار وضربان القلب ونسمي نحن معاشر البشر تلك الحالة خوفا ولا تتعقل الشاة معنى الحالة ولا يعرف لها مفهوما ولا لفظا كاحسان الرضيع بوجع رأسه من غير أن يكون له تصور مفهوم إلا لم وجميع ما ذركه في التهافت في نقض تجرد النفس الناطقة من هذه القبيل ناش عن قلة الاعتبار.
والخيال في اصطلاح الحكماء هو القوة الحافظة للصور المدركة بالحسن المشترك واختلف الحكماء في تجرد الخيال المصطلح عندهم فالشيخ الرئيس وأتباعه وأنكروا تجرده وجعلوه من عوارض الدماغ بمعنى إنه آلة لا مدرك وشيخ الاشراق ومن تبعه ومنهم صدر المتألهين - قدس سره - اعتقدوا
(٤٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428