أكثر، وربما ينسب هذه العقيدة إلى المجوس القائلين بمبدئين قديمين النور والظلمة أو بقولهم يزدان واهرمن، ولكن الظاهر أنهم لا يقولون بمبدئين قديمين بالذات، وإنما ينكرون التوحيد في مقام الفاعلية لا في مقام الذات، ولتفصيل المسألة مقام آخر.
ومنهم من ينكر التوحيد في مقام الفاعلية ويرون المؤثر في الحوادث والموجوات غير الله أيضا وهذا القسم من المشركين كثيرون، وهؤلاء عبدة الأصنام التي ينحتونها هم أنفسهم، أو يصنعونها من أحد الفلزات أو عبدة الاجرام السماوية كالشمس والقمر وغيرهما، أو غير ذلك من النباتات والجمادات.
وكان مشركو العرب وأهل مكة من هذا القسم الذين ابتلى رسول الله صلى الله عليه وآله بهم، بل غالب الأنبياء العظام سلام الله عليهم كموسى وإبراهيم وغيرهما ابتلوا بهذا القسم من المشركين، وليس مقامنا مقام شرح الأديان وتفصيل المذاهب.
القسم الثالث الذين ينكرون الرسالة إما جميع الأنبياء حيث يقولون بكفاية العقل الذي خلقه الله لعباده وجعله رسولا باطنيا، وهو يكفي في لزوم الاجتناب عن ارتكاب القبايح، وما فيها من المفاسد، ولزوم الارتكاب لما فيها المحاسن والمصالح، وإما ينكرون نبوة بعض الأنبياء الذين هم أولوا العزم بل كل نبي في عصره دون بعض وذلك كالكتابيين بعد ظهور نبينا صلى الله عليه وآله وبعثته.
القسم الرابع هم الذين ينكرون ضروريا من ضروريات الدين، سواء كان ضروريا في جميع الأديان الحقة كالمعاد الجسماني أو كان ضروريا في خصوص دين الاسلام كوجوب الصلاة والزكاة وحرمة شرب الخمر والزنا واللواط والسرقة وغيرها من الضروريات.
فظهر مما ذكرنا أنه من أوضح مصاديق منكر الضروري من يقول بوجود نبي بعد نبينا خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله فلا شك في كفر من يدعي النبوة أو يعتقد نبؤة شخص بعد بعثة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله فهذه الفرقة الضالة الذين يدعون مثل هذه المقالة في عصرنا لا شك في كفرهم.