أطلق المشرك في الكتاب العزيز على اليهود والنصارى في بعض الآيات، وظاهر قوله تعالى أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين (1) اثنين أن النصارى مشركون حقيقة، لأنهم كانوا يعتقدون بألوهية عيسى وأمه، وكانوا يعبدون عيسى.
والشاهد على ذلك أنه لما نزل قوله تعالى إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون (2) قال عبد الله ابن الزبعرى: أما والله لو وجدت محمدا لخصمته سلوا محمدا أكل من عبد من دون الله في جهنم مع من عبده، ونحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيرا، والنصارى تعبد عيسى بن مريم. فلما وصل هذا الكلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ما أجهله بلسان قومه، فان ما لغير ذوي العقول فلا يشمل هؤلاء، (3) وأجيب عن إشكالهم بوجه آخر لسنا في مقام الجواب عن هذا الايراد وجوابه، بل مقصودنا أن هؤلاء مشركون حقيقة في العبادة بل في الخلق والفاعلية فاليهود والنصارى الذين نسميهم باهل الكتاب شركهم من سنخ شرك مشركي أهل مكة كما كان يظهر من كلام ابن الزبعرى وأما المجوس فكونهم من المشركين أوضح حتى يعرفون بالثنوية القائلين بإله الخير ويسمونه يزدان، وإله الشر ويسمونه بأهرمن.
وأما النصارى فإلى اليوم يقولون بألوهية المسيح ابن مريم عليهما السلام فهذا كتاب المنجد في اللغة تأليف معلوف أحد الآباء اليسوعيين يقول في كلمة المسيح الاله المتجسد (4) فلا ينبغي أن يشك في شرك الطوائف الثلاث اليهود والنصارى والمجوس، ولا في دلالة قوله تعالى إنما المشركون نجس على نجاستهم.