الكتاب أي اليهود والنصارى، والمجوس أيضا بناء على أنهم أيضا من أهل الكتاب بالعموم والشمول لاطلاق المشرك على اليهود والنصارى في الكتاب العزيز.
وأما المجوس فهم المشركون حقيقتا من دون عناية وتجوز في البين وأما في غيرهم كالمنكرين للضروريات مثلا فبعدم القول بالفصل لعدم الخلاف في نجاسة الكفار إلا في الكتابي وسنتكلم عنهم إنشاء الله في خاتمة هذا المبحث.
الثالث أن المراد بالنجس ليس هو المعنى المصطلح بين الفقهاء الذي هو أحد الأحكام الشرعية الوضعية وهو مقابل الطهارة الشرعية التي هي أيضا أحد الأحكام الوضعية بل المراد هو المعنى الذي يفهمه العرف من هذه اللفظة إذ الخطابات الشرعية على طريقة المحاورات العرفية إذ لم يخترع طريقا خاصا لتفهيم المكلفين، فإن كان في مورد إرادته من لفظ غير ما يفهمه العرف فعليه البيان، ولا شك أن معنى العرفي للفظ النجس هي القذارة فلابد وأن يحمل على قذارة النفس وخباثتها لا قذارة البدن لأنه ليس في أبدانهم قذارة أزيد مما في أبدان المسلمين بل حالهم من هذه الجهة مع المسلمين سواء، فيكون أجنبيا عن مورد البحث.
وفيه أن هذا البيان يجري في ما ورد في سائر النجاسات كالكلب والخمر والميتة وغيرها، ومع ذلك لم يتردد أحد من الفقهاء في حمل هذه الكلمة على المعنى الشرعي فقوله عليه السلام الكلب رجس نجس (1) لم يحمله أحد إلا على النجاسة الشرعية الاعتبارية.
والسر في ذلك أن الشارع في مقام بيان أحكامه، ولا شغل له بالقذارات العرفية إلا أن يكون موضوعا لحكم شرعي، فإذا كانت النجاسة عنده أمر اعتبره في عالم التشريع، فلابد وأن يحمل اللفظ عليه إلا مع بيان على عدمه.