صالحا للشرب وموجبا للاسكار من دون الاحتياج إلى علاج ولو بمزجه بالماء فيكون مقتضى ظاهر الأدلة عدم نجاسته من هذه الجهة، وقد عرفت أنه لو شككنا أيضا مقتضى الأصل هي الطاهرة.
وأما انكار اجمال المفهوم وأنه عبارة عما يكون صالحا للشرب والاسكار، وإن كان بعلاج، فالانصاف أنه مكابرة، وقد حكى لي بعض الثقات من أهل الفن أن هذا المايع الذي يسمى الان بأسبرتو ويستعمله الأطباء لتطهير الإبر وأدوات وآلات تطعيم الأدوية وتزريقها في بدن المرضى، ليس مما يشرب، وإنما هو يعد من جملة السموم الخفيفة.
نعم فيه قوة الاسكار بالمرتبة الشديدة وبمزجه بالماء تخف عاديته، وربما يكون صالحا لشرب بعض مدمني الخمور، ولكن بعد مزجه بالماء وقبل المزج ليس صالحا للشرب، لأي شخص كان وأنت خبير بأن مدمني الخمور والمكثرين لشرب الكل لمدة طويلة بالآخرة يتسمم بدنهم، فعدم تأثيره فيهم من هذه الجهة، لا أنه يصير من المشروبات العادية كسائر المسكرات التي يشربها شاربو الخمور والمسكرات.
وقد حكي لي أيضا أن بعض المفرطين في شرب الأفيون وبلعها بالآخرة انجر أمره إلى أن حبس حية سامة في جعبة وكان يعرض نفسه للدغها كي ينوب عن سم الأفيون الذي تعود بشربه، وكان لم يجده لعوز المال فمثل هذه الموارد الشاذة لا توجب صدق المسكر على هذا المايع المعروف باسبرتو.
مضافا إلى أنه لو كان من مصاديق المسكر حقيقة تكون الأدلة منصرفة عنه، لأن الظاهر والمتفاهم العرفي من قوله تعالى إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه (1) هو المسكر المعروف الذي كان المتعارف شربه