الآيات وجوب تعظيم المحترمات في الدين فتدل على حرمة إهانتها بالأولوية.
وذلك من جهة أن الامر بالشئ بناء على أنه يدل على النهي عن ضده العام كما هو المشهور وإن كان لنا فيه كلام ذكرناه في كتابنا منتهى الأصول (1) في مبحث الضد فيكون ترك التعظيم حراما.
فان قلنا إن التقابل بين الإهانة والتعظيم تقابل العدم والملكة، والإهانة عبارة من عدم التعظيم فتكون حراما وذلك واضح، وأما إن قلنا أنهما ضدان لان الإهانة أيضا أمر وجودي كالتعظيم، فان قلنا إنه لا ثالث لهما فتكون أيضا لا تنفك عما هو حرام، وهو ترك التعظيم لما فرضنا أنهما من الضدين اللذين لا ثالث لهما وأما إن قلنا بوجود الواسطة بينهما فربما يقال بأنه بناء على هذا لا ملازمة بين ترك التعظيم وتحقق الإهانة، إذ بناء على هذا لا يمكن أن لا يكون تعظيم ولا إهانة في البين.
ولكن فيه أنه على تقدير القول بوجود الواسطة كما هو الصحيح يكون ترك التعظيم أعم، إذ يمكن تحقق ترك التعظيم بدون تحقق الإهانة، ولا يمكن تحقق الإهانة بدون ترك التعظيم وإلا يلزم اجتماع الضدين وارتفاع النقيضين وكلاهما محال، فدائما تكون الإهانة مقرونة مع ترك التعظيم الذي هو حرام.
والجواب الصحيح عن هذا الدليل أن هذه الآيات لا ظهور لها في وجوب التعظيم وأما قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدى (2) إلى آخر الآية وإن كان النهي ظاهرا في التحريم كما قرر في الأصول، ولكن ليس المراد من إحلال شعائر الله هو إهانة ما هو محترم في الدين كي يكون دليلا على حرمة مطلق إهانة المحترمات، بل الظهار منها بقرينة فقرات البعد هي حرمة ترك فرائض الحج ومناسكه وأيضا حرمة عدم الاعتناء بالشهر الحرام أو