الطرفين، أو من طرف واحد لغوا وباطلا.
وذلك لما بينا وشرحنا في قاعدة كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه (1) من أن العقلاء في باب العقود المعاوضية وإن كانوا ينشأون المبادلة بين المالين والعوضين في عالم الاعتبار التشريعي، وهذا المعنى يقع في عالم التشريع إذا كان العقد الواقع جامعا لشرائط العقد والمتعاقدين والعوضين، وليس متوقفا على النقل والانتقال الخارجي، ولكنهم يرون هذه المبادلة مقدمة لوصول كل واحد من العوضين إلى الآخر بدل العوض الذي يعطيه للآخر، بحيث لو لم يتحقق النقل والانتقال الخارجي تكون تلك المبادلة لغوا، وتكون المعاملة كالمعاملات السفهية باطلة عندهم.
فكما أنه لو علموا من أول الأمر بعدم قدرة كلا المتعاقدين أو أحدهما على الوفاء بهذا العقد، يكون ذلك العقد لغوا عندهم ولا يرتبون أثر الصحة عليه، فكذلك لو طرء العجز وتعذر الوفاء به بعد الوقوع قبل القبض والاقباض، يكون بقاء العقد والمعاهدة لغوا لما قلنا إن هذه المعاقدة والمعاهدة تكون مقدمة للاخذ والاعطاء، إذ الذي يدور عليه نظام معاش العباد وبه قوام معيشتهم، هو التبادل والاخذ والاعطاء خارجا، وتكون المعاملات والمبادلات الاعتبارية لأجل تلك الانتقالات الخارجية، والا فنفس تملك الناس في عالم الاعتبار التشريعي المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمراكب من دون حصول وجوداتها الخارجية لهم، لا أثر له، فان الناس يحتاجون إلى هذه الأشياء خارجا وقوله عليه السلام في مقام بيان حجية بعض الامارات وإلا لما قام للمسلمين سوق (2) المراد من السوق هو السوق الخارجي لا المبادلات الاعتبارية من دون أخذ وعطاء في البين.