فالمستفاد من الحديث الشريف أن الشاة المنحة التي أعطاها المالك لشخص وأباح له لبنها يجب على ذلك الشخص رده، وهذا لا ربط له بالعارية هذا مع أن التحقيق انه كما يجوز إعارة الشاة المنحة اجماعا يجوز اجارتها أيضا.
وأما الاشكال عليه بان الإجارة تمليك المنفعة مع بقاء العين واما تمليك الأعيان فليس بإجارة بل اما بيع إذا كان بعوض مالي أو هبة إن كان مجانا وبلا عوض أو صلح إذا وقع التسالم عليه أو غير ذلك.
فجوابه ان متعلق الإجارة في المفروض هي الشاه باعتبار تمليك منافعها غاية الأمر ان المنفعة قد تكون من الاعراض القائمة بعين في الخارج كسكنى الدار وركوب الدابة والتفرج في بستان وقد تكون من الأمور الاعتبارية كما أنهم يستأجرون الحلويات الكثيرة وكذا الفواكه لأجل مجلس عقد القران بين الزوجين لا لاكلها بل لاظهار الجلالة والعظمة وأمثلة هذا القسم كثيرة.
وقد تكون من الأعيان الخارجية ومن الجواهر التي ي لها وجود تبعي قبل الانفصال عن متبوه ووجود استقلالي بعد الانفصال كاللبن بالنسبة إلى الشاة المنحلة والمرأة المرضعة وكالأثمار بالنسبة إلى الأشجار وكالمياه بالنسبة إلى الآبار وفي هذا القسم إذا ورد التمليك على هذه الأشياء باعتبار وجودها الاستقلالي أو كان بعد انفصالها عن متبوعها فلا شبهة في أن مثل هذا التمليك لا يمكن أن يكون إجارة لان حقيقة الإجارة تمليك المنفعة وهذه تمليك عين لا تمليك منفعة وهذا واضح جدا.
وأما إذا ورد التمليك عليها باعتبار وجودها قبل الانفصال اي باعتبار كونها من توابع متبوعاتها وصفات موضوعاتها ولذلك يقولون شاة منحة وامرأة مرضعة وشجرة مثمرة إلى غير ذلك من الأمثلة، فهذا يعد من تمليك المنافع بهذا الاعتبار عند العرف.
فإذا قال آجرتك هذه الشاة بكذا لا يفهم منه العرف الا تمليك منافع هذه الشاة