وهذا معنى الانحلال في باب تبعض الصفقة. واما هذا المعنى فلا يأتي في الصلح، لان المنشأ فيه التسالم، وهو بسيط لا يتبعض، فبناء على هذا إذا وقع الصلح على عين يدعيها المدعي، فكما انه لو لم يكن المدعي صادقا في دعواه ولم يكن شئ من تلك العين فصالح المدعى عليه بمال عن تلك العين مع المدعي يكون الصلح بحسب الواقع باطلا، فكذلك الصلح يكون باطلا لو لم يكن بعضها له.
ولا وجه للقول بصحة الصلح بالنسبة إلى البعض الذي يملكه، وبطلانه بالنسبة إلى البعض الذي لا يملكه، فيصير من باب تبعض الصفقة، لما ذكرنا من أن الصلح الواقع على عين خارجية لا يتبعض بالنسبة إلى اجزائه أو كسوره كالنصف والثلث والربع وأمثالها، فتأمل.
فظهر مما ذكرنا: ان الأصح من الاحتمالات الثلاث التي ذكرناها هو الاحتمال الأول، وهو وجوب رد تمام ما اخذه المدعي الكاذب في بعض ما ادعاه، وذلك لفساد الصلح. ولا فرق فيما ذكرنا من فساد الصلح لو تبين عدم كون تمام ما يصالح عنه له بين أن يكون الكاذب هو المدعي أو المدعى عليه.
ثم إن ها هنا روايتين تدلان على عدم صحة الصلح واقعا، وعدم ذهاب الحق بالمرة فيما إذا لم يقع الصلح بين ما هو الحق الواقعي وبين ما يعطيه المصالح مع خفاء المقدار الواقعي على صاحب المال الذي يريد ان يصالح معه من بيده المال.
إحديهما: ما رواه علي بن حمزة، عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام:
رجل يهودي أو نصراني ي كانت له عندي أربعة آلاف درهم فمات ألي ان أصالح ورثته ولا اعلمهم كم كان؟ قال عليه السلام: " لا يجوز حتى تخبرهم ". (1)