المجلس أو خيار الحيوان: جعل الشارع التزامهما في تلك المدة كلا التزام، فكأنهما لم يلتزما بالبقاء عند هذه المعاملة ما دام كونهما في المجلس ولم يفترقا بالنسبة إلى خيار المجلس، وكذلك كأنهما لم يلتزما في مدة ثلاثة أيام في خيار الحيوان فيكون أيضا خروجهما وأمثالهما أيضا خروجا موضوعيا، غاية الأمر خروجا موضوعيا 179 تعبديا لا تكوينيا كما هو الشأن في جميع موارد الحكومة، وأن التوسعة والتضييق فيها من جانب الموضوع أو المحمول تعبدي لا تكويني ووجداني.
وبعبارة أخرى التصرف في باب الحكومة في جانب الموضوع أو المحمول في القضية الشرعية المتكلفة لبيان حكم من الأحكام، ولا نظر في ذلك الباب إلى التضيق في الحكم، وإن كان التضيق في الموضوع أو المحمول ينتج ذلك أيضا.
فنقول فيما نحن فيه: إن الشارع الأقدس في مدة بقاء المتبايعين في المجلس، أو مدة ثلاثة أيام في خيار الحيوان، جعل التزامهما بهذه المعاملة كلا التزام، لا أنه مع فرض البناء على وجود الالتزام نفي الوفاء بذلك الالتزام كي يكون من باب التخصيص، فإذا قال أكرم العلماء وفرضنا أن أكثر أفراد العلماء هم النحويون مثلا فقال: النحوي ليس بعالم، فليس هذا من باب تخصيص الأكثر بل من جهة أن الشارع أخرج النحوي عن موضوع حكمه خروجا تعبديا، فليس من باب التخصيص كي يكون مستهجنا إذا كان الخارج أكثر الافراد.
ويمكن أيضا أن يقال إن ما نحن فيه ليس من قبيل التخصيص كي يقال بأن الخارج أكثر فهو مستهجن، بل من قبيل تقييد الاطلاق.
وذلك من جهة أن عموم لفظ العقود باعتبار الافراد لا باعتبار الأزمان، فالحكم ثبوته في جميع الأزمان ليس من ناحية صيغة العموم بل من جهة الاطلاق الأزماني الثابت بدلالة الاقتضاء، صونا عن لغوية جعل الخيار لو كان ثبوته في زمان ما فقط، وتقييد ذلك الاطلاق بالنسبة إلى قطعة من الزمان اي زمان بقاء المجلس