قلت: ويمكن تصحيح كلامهم، وذلك أن الحوالة لغة بمعنى النقل مطلقا كما مر، فالمديون يدفع الطالب عن نفسه ويسلطه على غريمه، وفي الاصطلاح نقل الدين وهو من أفراد المعنى اللغوي أيضا، فعلى الأول يقال: محتال لا غير وعلى الثاني محتال له لا غير، لان المحيل بمعنى الناقل، والمحال عليه بمعنى المنقول عليه الدين، والدين منقول والطالب محال له: أي منقول لأجله، ولو قيل محال بمعنى منقول لم يصح، لان المنقول هو الدين على هذا الوجه، بخلافه على الأول فإن المنقول هو ذات الطالب، وبهذا ظهر أن قولهم محتال ومحتال له مبني على اختلاف المراد في المنقول هل هو ذات الطالب أو دينه، فافهم، نعم يصح على الثاني أن يقال فيه محتال بطريق المجاز: أي محتال دينه، وبه ظهر أنه لا لغو في كلامهم، فاغتنم هذا التقرير. قوله: (ويزاد خامس وهو حويل) عبارة الفتح:
ويقال للمحتال حويل أيضا، فما ذكره الشارح نقل لعبارة الفتح بالمعنى، فافهم. ونقل في البحر عبارة عن تلخيص الجامع فيها إطلاق الحويل على المحال عليه. قال الرملي: فلعله يطلق عليهما. قوله:
(فالفرق بالصلة) أي باختلافها وهي اللام في الأول، وعلى في الثاني، وهذا على وجودها في الأول وقد علمت وجه صحته، وأما على حذفها المفاد بقوله: وقد تحذف فالمراد أن الفرق بالصلة وجودا وعدما كما مر عن الفتح، فافهم. قوله: (والحوالة شرط لصحتها الخ) قال في النهر: وشرط صحتها في المحيل العقل، فلا تصح حوالة مجنون وصبي لا يعقل والرضا، فلا تصح حوالة المكره، وأما البلوغ فشرط للنفاذ، فصحة حوالة الصبي العاقل موقوفة على إجازة وليه وليس منها الحرية، فتصح حوالة العبد مطلقا، غير أن المأذون يطالب للحال والمحجور بعد العتق ولا الصحة فتصح من المريض. وفي المحتال العقل والرضا، وأما البلوغ فشرط النفاذ أيضا، فانعقد احتيال الصبي موقوفا على إجازة وليه إن كان الثاني أملا من الأول كإحتيال الوصي بمال اليتيم. ومن شرط صحتها المجلس قال في الخانية: والشرط حضرة المحتال فقط حتى لا تصح في غيبته إلا أن يقبل عنه آخر، وأما غيبة المحتال عليه فلا تمنع، حتى لو أحال عليه فبلغه فأجاز صح، وهكذا في البزازية، ولا بد في قبولها من الرضا، فلو أكره على قبولها لم تصح، وفي المحال به أن يكون دينا لازما فلا تصح ببدل الكتابة كالكفالة ا ه. قوله: (رضا الكل) أم رضا الأول فلان ذوي المروءات قد يأنفون تحمل غيرهم ما عليهم من الدين، فلا بد من رضاه، وأما رضا المحتال فلان فيها انتقال حقه إلى ذمة أخرى والذمم متفاوتة، وأما رضا الثالث وهو المحتال عليه فلأنها إلزام الدين ولا لزوم بلا التزام. درر.
قلت: نقل السائحاني عن لقطة البحر: إذا استدانت الزوجة النفقة بأمر القاضي لها أن تحيل على الزوج بلا رضاه. قوله: (فلا يشترط على المختار) هو رواية الزيادات قال فيها: لان التزام الدين من المحتال عليه تصرف في حق نفسه والمحيل لا يتضرر، بل فيه منفعة لان المحال عليه لا يرجع إذا لم يكن بأمره. درر قوله: (للرجوع عليه) أي رجوع المحال عليه على المحيل، أو ليسقط الدين الذي للمحيل على المحال عليه كما في الزيلعي، أما بدون الرضا فلا رجوع ولا سقوط وهو محمل رواية الزيادات. قوله: (لكن استظهر الأكمل الخ) أي في العناية، وهو توفيق آخر بين روايتي