من أنه تجب قيمتها من الذهب فغير ظاهر، لان مثليتها لم تبطل، فكيف يعدل إلى القيمة؟ وقوله:
إذا لم يمكن الخ فيه نظر لان منع السلطان التعامل بها في المستقبل لا يستلزم منع الحاكم من الحكم على شخص بما وجب عليه منها في الماضي. وأما قوله: ولا يدفع قيمتها من الجديدة فظاهر، وبيانه أن كسادها عيب فيها عادة، لان الفضة الخالصة إذا كانت مضروبة رائجة تقوم بأكثر من غيرها، فإذا كانت العشرة من الكاسدة تساوي تسعة من الرائجة مثلا: فإن ألزمنا المشتري بقيمتها وهو تسعة من الجديدة يلزم الربا، وإن ألزمناه بعشرة نظرا إلى أن الجودة والرداءة في باب الربا غير معتبرة يلزم ضرر المشتري، حيث ألزمناه بأحسن مما التزم فلم يمكن إلزامه بقيمتها من الجديدة ولا بمثلها منها، فتعين إلزامه بقيمتها من الذهب، لعدم إمكان إلزامه بمثلها من الكاسدة أيضا لما علمت من منع الحكام منه لكن علمت ما فيه. هذا ما ظهر لي في هذا المقام، والله سبحانه وتعالى أعلم، وبقي ما لو وقع الشراء بالقروش كما هو عرف زماننا، ويأتي الكلام عليه قريبا، قوله: (أما ما غلب غشه الخ) أفاد أن كلامه السابق فيما كان خاليا عن الغش أو كان غشه مغلوبا، وأنه لا خلاف فيه على ما يفهم من كلامهم كما قررناه آنفا. قوله: (كما سيجئ في فصل القرض) صوابه في باب الصرف كما علم مما قدمناه. قوله: (وهذا) أي ما ذكره في المتن من صحة البيع بثمن مؤجل إلى معلوم. قوله: (بثمن دين الخ) أراد بالدين ما يصح أن يثبت في الذمة سواء كان نقدا أو غيره، وبالعين ما قابله، فيدخل في الدين الثوب الموصوف بما يعرفه لقوله في الفتح وغيره. إن الثياب كما تثبت مبيعا في الذمة بطريق السلم تثبت دينا مؤجلا في الذمة على أنها ثمن، وحينئذ يشترط الاجل، لا لأنها ثمن بل لتصير ملحقة بالسلم في كونها دينا في الذمة، فلذا قلنا: إذا باع عبدا بثوب موصوف في الذمة إلى أجل جاز، ويكون بيعا في حق العبد حتى لا يشترط قبضه في المجلس بخلاف ما لو أسلم الدراهم في الثوب، وإنما ظهرت أحكام المسلم فيه في الثوب حتى شرط فيه الاجل وامتنع بيعه قبل قبضه لإلحاقه بالمسلم فيه ا ه. فافهم. قوله: (وبخلاف جنسه) عطف على قوله: بثمن دين وفي بعض النسخ أو بدل الواو، والأولى أولى لان الشرط كل منهما لا أحدهما كما أفاده ط. وقوله: ولم يجمعهما قدر جملة حالية، والقدر: كيل أو وزن، وذلك كبيع ثوب بدراهم، واحترز عما لو كان بجنسه، وجمعهما قدر ككر بر بمثله أو كان بجنسه ولم يجمعهما قدر كثوب هروي بمثله أو كان بخلاف جنسه وجمعهما قدر ككر بر بكر شعير فإنه لا يصح التأجيل لما فيها من ربا النساء، فقول الشارح لما فيه من ربا النساء بالفتح: أي التأخير تعليل لمفهوم المتن، وهو عدم صحة التأجيل في الصور الثلاثة، أفاده ح.
قلت: بقي شرط آخر، وهو أن لا يكون المبيع الكيلي أو الوزني هالكا، فقد ذكر الخير الرملي أول البيوع عن جواهر الفتاوى له على آخر حنطة غير السلم فباعها منه بثمن معلوم إلى شهر لا يجوز، لأنه بيع الكالئ بالكالئ، وقد نهينا عنه، وإن باعها ممن عليه ونقد المشتري الثمن في المجلس جاز فيكون دينا بعين ا ه. وذكر المسألة في المنح قبيل باب الربا، ومثله كل مكيل وموزون وكالبيع الصلح، ففي الثلاثين من جامع الفصولين: ولو غصب كر بر فصالحه وهو قائم على دراهم