بعد الرخص يؤدي إلى النزاع والضرر، فإن خياره قبل الرخص لا ضرر فيه على البائع، أما بعده ففيه ضرر، لان المشتري ينظر إلى الأنفع له والأضر على البائع فيختاره، فإن كان يساوي عشرة إذا صار نوع منه بثمانية ونوع منه بثمانية ونصف، يختار ما صار بثمانية فيدفعه للبائع، ويحسبه عليه بعشرة كما كان يوم البيع، وهذا في الحقيقة دفع ما كان يوم البيع لا قيمته. لان قيمة كل نوع تعتبر بغيره، فحيث لم يمكن دفع القيمة لما قلنا ولزم من إبقاء الخيار للمشتري، لزوم الضرر (1) للبائع حصل الاشتباه في حكم المسألة كما قلنا، والذي حررته في رسالتي تنبيه الرقود أنه ينبغي أن يؤمر المشتري بدفع المتوسط رخصا لا بالأكثر رخصا ولا بالأقل، حتى لا يلزم اختصاص الضرر به ولا بالبائع، لكن هذا إذا حصل الرخص لجميع أنواع العملة، أما لو بقي منها نوع على حاله، فينبغي أن يقال بإلزام المشتري الدفع منه، لان اختياره دفع غيره يكون تعنتا بقصده إضرار البائع مع إمكان غيره، بخلاف ما إذا لم يمكن بأن حصل الرخص للجميع، فهذا غاية ما ظهر لي في هذه المسألة، والله سبحانه أعلم قوله: (إلا إذا بين في المجلس) قال في البحر: فإذا ارتفعت الجهالة ببيان أحدهما في المجلس ورضي الآخر صح لارتفاع المفسد قبل تقرره فصار كالبيان المقارن. قوله: (هو في عرف المتقدمين الخ) كذا قاله في الفتح: واستدل له بحديث الفطرة: كنا نخرج على عهد رسول الله (ص) صاعا من طعام، أو صاعا من شعير. لكن قال في البحر وفي المصباح: الطعام عند أهل الحجاز البر خاصة، وفي العرف اسم لما يؤكل مثل الشراب اسم لما يشرب وجمعه أطعمة ا ه. والمراد به في كلام المصنف الحبوب كلها لا البر وحده ولا كل ما يؤكل بقرينة قوله: كيلا وجزافا ا ه.
قوله: (كيلا وجزافا) منصوبان على الحال لأنهما بمعنى اسم الفاعل أو المفعول، فافهم. قوله:
(مثلث الجيم الخ) أي يجوز في جيمه الحركات الثلاث في القاموس الجزاف، والجزافة مثلثتين، والمجازفة: الحدس في البيع والشراء معرب كزاف ا ه. والحدس: الظن والتخمين.
وحاصله ما في المغرب: من أنه البيع والشراء بلا كيل ولا وزن. ونقل ط. أن شرط جوازه أن يكون مميزا مشارا إليه، قوله: (إذا كان بخلاف جنسه) أما بجنسه فلا يجوز مجازفة، لاحتمال التفاضل، إلا إذا ظهر تساويهما في المجلس. بحر. حتى لو لم يحتمل التفاضل، كأن باع كفة ميزان من فضة بكفة منها جاز وإن كان مجازفة، كما في الفتح، والمجازفة فيه بسبب أنه لا يعرف قدرها. قوله:
(لشرطية معرفته) لاحتمال أن يتفاسخا السلم فيريد المسلم إليه دفع ما أخذ، ولا يعرف ذلك إلا بمعرفة القدر ط. قوله: (ومن المجازفة البيع الخ) صرح بأنه من المجازفة، مع أن ظاهر المتن أنه ليس منها بقرينة العطف. والأصل فيه المغايرة لأنه على صورة الكيل والوزن وليس به حقيقة. أفاده من النهر قوله (وللمشتري الخيار فيهما) أفاد أن البيع جائز غير لازم وهذا الخيار خيار كشف