اشترى كذا كذا قربة من ماء الفرات. قال أبو يوسف: إن كانت القربة بعينها جاز لمكان التعامل، وكذا الرواية والجرة، وهذه استحسان. وفي القياس: لا يجوز إذا كان لا يعرف قدرها، وهو قول الإمام . وخرج أيضا ما لو كان الثمن مجهولا كالبيع بقيمته أو برأس ماله، أو بما اشتراه أو بمثل ما اشتراه فلان، فإن علم المشتري بالقدر في المجلس جاز، ومنه أيضا ما لو باعه بمثل ما يبيع الناس إلا أن يكون شيئا لا يتفاوت. نهر. قوله: (ووصف ثمن) لأنه إذا كان مجهول الوصف تتحقق المنازعة، فالمشتري يريد دفع الأدون والبائع يطلب الا رفع فلا يحصل مقصود شرعية العقد. نهر . تنبيه: ظاهر كلامه كالكنز يعطى أن معرفة وصف المبيع غير شرط، وقد نفى اشتراطه في البدائع في المبيع والثمن، وظاهر الفتح اثباته فيهما، ووفق في البحر بحمل ما في البدائع على المشار إليه أو إلى مكانه وما في الفتح على غيره، لكن حقق في النهر أن ما فهمه من الفتح وهم فاحش، لان كلام الفتح في الثمن فقط.
قلت: وظاهره الاتفاق على اشتراط معرفة القدر في المبيع والثمن، وإنما الخلاف في اشتراط الوصف فيهما. وللعلامة الشرنبلالي رسالة سماها. (نفس المتجر بشراء الدرر) حقق فيها أن المبيع المسمى جنسه، لا حاجة فيه إلى بيان قدره ولا وصفه ولو غير مشار إليه أو إلى مكانه، لان الجهالة المانعة من الصحة تنتفي بثبوت خيار الرؤية، لأنه إذا لم يوافقه يرده فلم تكن الجهالة مفضية إلى المنازعة، واستدل على ذلك بفروع صححوا فيها البيع بدون بيان قدر ولا وصف: منها ما قدمناه من صحة (1) بيع جميع ما في هذا البيت أو الصندوق، وشراء ما في يده من غصب أو وديعة، وبيع الأرض مقتصرا على ذكر حدودها وشراء الأرض الخربة المارة عن القنية. ومنها: ما قالوا: لو قال: بعتك عبيدي وليس له إلا عبد واحد صح، بخلاف بعتك عبدا بدون إضافة، فإنه لا يصح في الأصح. ومنها: لو قال بعتك كرا من الحنطة، فإن لم يكن كل الكر في ملكه بطل، ولو بعضه في ملكه بطل في المعدوم وفسد في الموجود، ولو كله في ملكه لكن في موضعين أو من نوعين مختلفين، لا يجوز ولو من نوع واحد في موضع واحد جاز وإن لم يضف البيع إلى تلك الحنطة، وكذا لو قال: بعتك ما في كمي فعامتهم على الجواز وبعضهم على عدمه، وأول قول الكنز ولا بد من معرفة قدر ووصف ثمن، بأن لفظ قدر غير منون مضافا لما بعده من الثمن، مثل قول العرب:
بعتك بنصف وربع درهم.
قلت: ما ذكره من الاكتفاء بذكر الجنس عن ذكر القدر والوصف يلزم عليه صحة البيع في نحو: بعتك حنطة بدرهم ولا قائل به، ومثله بعتك عبدا أو دارا، وما قاله من انتفاء الجهالة بثبوت